ما هو أتفاق باريس للمناخ Zero Routine Flaring؟
رائد العبيدي
وهو إتفاق أقر سنة 2015 يلزم الحكومات والشركات النفطية بإنهاء حرق الغاز الطبيعي في المشاعل بمدة لا تزيد عن بداية عام 2030 ، وتسمى هذه الأتفاقية Zero Routine Flaring أو ZRF اختصاراً وتعني (صفر حرق للغاز في المشاعل).
إن حرق الغاز أمر مضى عليه حوالي 160 عاماً يتمثل في حرق الغاز المصاحب للنفط الخام بواسطة مشاعل الغاز Gas Flares بدلاً من استثماره بالشكل الصحيح ، يساهم حرق الغاز في تغير المناخ ويؤثر على البيئة من خلال انبعاث ثاني أكسيد الكربون والكربون وملوثات أخرى الى الجو. كما أنه يهدر مصدر طاقة ثمين يمكن استخدامه لدفع التنمية المستدامة للبلدان المنتجة.
تم كتابة المبادرة لتسهيل التعاون بين جميع أصحاب المصلحة بحيث يمكن تحديد وتنفيذ حلول إنهاء الحرق الروتيني للغاز .
تقضي هذه المبادرة أن تلتزم الحكومات وشركات النفط بتقديم تقارير سنوية عن الغاز المشتعل والتقدم الذي تم احرازه نحو تحقيق هذه المبادرة. رغم أن المبادرة طوعية ، يتم رصد مدى التزام كل المشاركين فيها من خلال طرق متنوعة ، بما في ذلك التقارير الحكومية وتقارير الشركات النفطية والمراقبة عبر الأقمار الصناعية.
يمثل مؤيدو أتفاق ZRF الآن ما يقرب من 60 في المائة من مسببي حرق الغاز العالمي. ومع ذلك ، من الآن وحتى عام 2030 ، يتوجب ضمان استمرار الزخم العالمي والالتزامات الإضافية من الحكومات والصناعة وفقاً لهذه الأتفاقية لإنهاء هذه الممارسة الصناعية الملوثة للبيئة والمُهدرة للغاز المصاحب من خلال احراقه.
إن لتغير المناخ نتائج سلبية مثل تغير أحوال الطقس الذي يهدد الإنتاج الغذائي، وارتفاع في منسوب مياه البحر وزيادة خطر الفيضانات الكارثية.
يتضمن الاتفاق التزامات من جميع الدول لخفض انبعاثاتها والعمل معاً للتكيف مع آثار تغير المناخ، وتدعو الدول إلى تعزيز التزاماتها بمرور الوقت. يوفر الاتفاق طريقاً للدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية في جهود التخفيف من حدة تغيّر المناخ والتكيف معها مع إنشاء إطارٍ للرصد والإبلاغ الشفافَين عن الأهداف المناخية للدول.
يوفر اتفاق باريس إطاراً دائماً يوجه الجهد العالمي لعقود قادمة. والهدف هو رفع مستوى طموح الدول بشأن المناخ بمرور الوقت. ولتعزيز ذلك، نصَّ الاتفاق على إجراء عمليتَي مراجعة، كل واحدة على مدى خمس سنوات.
يمثل اتفاق باريس بداية تحول نحو عالم منخفض الكربون – ولا زال هناك الكثير مما يتعين القيام به. ويعد تنفيذ الاتفاق أمراً ضرورياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لأنه يوفر خارطة طريق للإجراءات المناخية التي من شأنها تقليل الانبعاثات وبناء القدرة على الصمود مع تغير المناخ.
أقرأ أيضاً .. أوروبا والغاز الطبيعي .. الأزمة والخيارات المتاحة
ما هو الغرض من أتفاق باريس ZRF؟
اضافة الى مبادرات الهيدروجين الأخضر Green Hydrogen ومن ثم مبادرة الحياد الكربوني Carbon Neutrality التي جاءت بعد هذه المبادرة الا انها كانت مبادرة أو أتفاقية تضاف الى الجهد العالمي للحد من تلوث البيئة بسبب الغازات الصناعية.
ومن خلال المصادقة الرسمية لبعض الدول ودعمها فأن هذه الدول والجهات ترسل رسالة مفادها أن القضاء على الحرق الروتيني للغاز هو خطوة مهمة وضرورية نحو التخفيف من تغير المناخ وضمان عدم إهدار الموارد الطبيعية القيمة ،
الالتزامات وفق الأتفاقية:
1. تم اقرار مباديء معينة تم وضعها في نص المبادرة ، وكما يلي:
(أ) بيئة تشغيل مواتية للحد من الاحتراق.
(ب) تجنب الحرق الروتيني عند البدء بعمليات تطوير حقول النفط الجديدة.
(ج) إنهاء الحرق الروتيني عند إنتاج النفط الحالي بحلول عام 2030.
2. الإبلاغ:
نصت المبادرة على إعداد تقارير حرق الغاز ، حيث سيطلب البنك الدولي مايلي ثم سينشره:
(أ) حرق الغاز السنوي الإجمالي المتأتي من إنتاج النفط في بلدك.
(ب) نسبة الغاز المحترق بشكل روتيني من الغاز الكلي المنتج . لن يطلب البنك الدولي بيانات عن المشاعل المنفردة وسيكون له دور فقط في إعداد التقارير ولن يكون دوراً تدقيقياً. وسيقوم البنك الدولي بتقديم التقارير العامة للحكومات عن التقدم المحرز نحو الحد من حرق الغاز.
3. الالتزام القانوني:
المبادرة ليست ملزمة قانونًا ، ولكن المصادقة عليها تعتبر التزامًا عامًا.
فوائد أتفاق باريس ZRF:
يمكن تلخيص فوائد هذا الأتفاق بالنقاط الجوهرية التالية:
1. إدارة أفضل للموارد الهيدروكاربونية:
يؤدي تنفيذ المبادرة إلى زيادة واستدامة السيولة النقدية الناتجة من الموارد الهيدروكربونية.
2. إنتاج نفط صديق للبيئة:
تسعى هذه المبادرة الى ضمان عمليات معالجة هيدروكاربونية أنظف ، وتقليل البصمة الكربونية للبلدان المنتجة .
3. الأعتراف العالمي بالمبادرة:
إن تأييد الحكومات يوضح للعالم أنه على الرغم من الانكماش الصناعي ، فإن البلدان المنتج للنفط تتمتع بإشراف بيئي قوي وحس قوي للتغيير المناخي.
4. التأثير الإقليمي:
أن تأييد الحكومات لهذه المبادرة هو مثال يحتذى به لجميع الدول التي تحرق الغاز لحد الآن.
5. جذب المستثمرين ذوي الخبرة في صناعة النفط:
إن شركات النفط العالمية التي لديها بالفعل سياسة ثابتة في عدم حرق للغاز تعتبر هذه المبادرة مساهمة إيجابية لأنها ستساهم في تكافؤ الفرص ، كما أنها ستؤدي الى أن تتبنى الشركات الأخرى نفس الممارسات الصحيحة في استثمار الغاز.
6. تشجيع الإبتكار:
يمكن أن يؤدي الالتزام بهذه المبادرة إلى تشجيع الابتكار من قبل الشركات العالمية في تحويل الغاز إلى أموال.
7. ربط الحكومات بشبكة علاقات دولية:
إن المصادقة على هذه الأتفاقية تربط الحكومات بشبكة من البلدان والشركات الرائدة المنتجة للنفط والتي تشترك في وضع معيار صناعي عالمي جديد لحرق الغاز. سيوفر هذا للحكومات فرصًا ثمينة لتبادل المعرفة والخبرة ، والتفاعل مع المؤسسات المالية الرائدة في العالم.
8. الأرث البيئي الايجابي:
توفر المبادرة للحكومات فرصة لتأسيس إرث بيئي إيجابي ، يتطور مستقبلاً الى الأفضل.
الخلاصة:
يبدو أتفاق باريس من حيث الشكل اتفاقاً رائعاً وخطوة كبيرة في مجال الحفاظ على البيئة والتقليل من الأحتباس الحراري ، خاصة ً أنه الزم الدول المنتجة للنفط والغاز بالوصول الى صفر انبعاثات غازية بحلول عام 2030 مما سيؤثر كثيراً (لو حصل) على حالة المناخ ، وسيكون له بالغ الأثر على حالة الأحتباس الحراري.
لكن اذا نظرنا الى الأمر من منظور آخر فسنجد أنه وحسب احصاءات سنة 2021 أن روسيا هي أكثر البلدان حرقاً للغاز بكمية 26.4 مليار متر مكعب سنوياً ، أما الولايات المتحدة فتحتل المركز الرابع في حرق الغاز بكمية 9.7 مليار متر مكعب سنوياً ، فبالتالي نجد أن أكبر دولتين في العالم تُحرق أكثر من 36 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً ، مما يجعلنا نطرح سؤالاً مهماً للغاية ، كم سيكون مدى التزام هذه الدول بالأتفاقية ، وكم ستحتاج الى استثمارات هائلة لتجنب حرق هذه الكمية الهائلة من الغاز ، فهل ستكون أكبر دولتين في العالم هي أول من يخالف بنود هذه المبادرة ، السنوات القليلة القادمة ستكشف صدق النوايا في هذا الموضوع.
المصادر:
1. تقرير البنك الدولي عن مبادرة باريس Zero Routine Flaring by 2030 (ZRF) Initiative.
2. موقع اليوم السابع ، ما هو اتفاق باريس لتغير المناخ؟ وما الدول الموقعة عليه والبنود الملتزمة بها؟
3. موقع الأمم المتحدة باللغة العربية – ما هو أتفاق باريس
رائد العبيدي – رئيس مهندسين بترول – مدير موقع AONG
خبرة طويلة من العمل في منشآت إنتاج ومعالجة النفط والغاز الطبيعي.له العديد من المقالات والدراسات حول الصناعة النفطية وخاصة ما يتعلق بالمنشآت السطحية.
متابع لشؤون اقتصاديات البترول.
عضو في جمعية مهندسي البترول SPE .
لديه العديد من المحاضرات المسموعة والمرئية على اليوتيوب.
له كتابان في مجال الأختصاص وهي (انتاج النفط والغاز الطبيعي/2021) و (المنشآت السطحية في الحقول النفطية/2024)