المصائد البترولية Petroleum Traps
المصيدة هي نسق هندسي للطبقات الرسوبية يسمح للبترول أو الغاز أو لكليهما بالتجمع فيه بكميات اقتصادية، ويحول دون هروبهما منها، ويتخذ هذا النسق الطبقي الهندسي أشكالاً عدة، لكن تظل السمة الرئيسية للمصيدة هي وجود صخر مسامي مغطى بصخور حابسة غير منفذة. ويعد الماء عاملاً أساسياً في توجيه البترول والغاز إلى المصيدة في أغلب الحالات، مثلما يساعد في إزاحة البترول والغاز إلى فتحات الآبار في مرحلة الإنتاج، وهكذا… تكون المصيدة بؤرة تبادل نشط للسوائل.
ويسمى الجزء المنتج من مصيدة البترول بنطاق العطاء Pay zone، ويختلف سمكه من مترين في بعض حقول ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية إلى مئات الأمتار في حقول بحر الشمال والشرق الأوسط. ومع ذلك ليس ضروريا أن تنتج كل كمية البترول في “نطاق العطاء الإجمالي”، ولذا نميز بينه وبين “العطاء الصافي” الذي يمثل السمك العمودي التراكمي للمكمن المنتج للبترول. وفي تطوير أي مكمن بترولي لا بد من تحديد نسبة المنتج الصافي إلى المنتج الإجمالي في الحقل. ويمكن إنتاج البترول من خط مستوى Spill Plane حتى قرب الهامة Crest وهي أعلى نقطة في المصيدة.
ومن الممكن أن تحتوي المصيدة على البترول أو الغاز أو كليهما، ويمثل سطح تماس البترول والماء Oil Water Contact-OWC أعمق مستوى لإنتاج البترول، بينما يعتبر سطح تماس الغاز والبترول Gas Oil Contact-GOC أدنى مستوى لإنتاج الغاز، ومن الضروري تحديد هذين السطحين بدقة قبل حساب احتياطي البترول والغاز الطبيعي في المكمن وتقدير معدل الإنتاج.
ومن أفضل وأحدث تصنيفات مصائد البترول ذات الجدوى الاقتصادية ما قدمه سيلي عام 1985 فإذا بدأنا بالمصائد التركيبية التي تنشأ بفعل تغييرات تكتونية أو بنائية Tectonic للصخور الرسوبية نجدها تشمل مصائد الطي المحدبة، ومصائد الصدوع. وتعد مصائد الطي المحدبة التضاغطية أكثر أنواع المصائد شيوعاً ، وتتكون بفعل تقاصر قشرة الأرض Crustal Shortening، ومن أمثلتها حقول البترول في جنوب غرب إيران، التي تشمل 16 حقلا عملاقا عند سفوح جبال زاجروس بالقرب من منطقة اندساس الصفيحة العربية تحت الصفيحة الإيرانية، وكذلك مصائد عديدة في الجانب الغربي من الخليج العربي، تتميز بأجناب ذات انحدار خفيف للطيات المحدبة العريضة، وتنتشر في حقول البترول شرقي الممكلة العربية السعودية، وأهمها حقول الغوار، أبقيق، السفانية، والخفجي. أما مصائد الطي المحدبة المحكمة فقد تكونت بفعل استجابة الطبقات الرسوبية لشد قشرة الأرض Crustal Tension ما أدي إلى تشكيل حوض رسوبي، به طيات محدبة فوق مرتفعات تكونت في العمق Deep Seated Horsts.
وتقوم الصدوع بدور مهم ومباشر في تكوين المصائد، عندما تؤدي إلى تغيير في ترتيب الطبقات، وتعترض طبقة غير مسامية وغير منفذة هجرة البترول “وتصطاده” ، كما قد يكون للصدع دور غير مباشر في اصطياد البترول، بأن يشترك في ذلك مع ظواهر تركيبية أخرى، مثل الطي أو تغيير النفاذية. وقد يكون سطح تماس الغاز والبترول متصلا في المصيدة المحدبة المتأثرة ببعض الصدوع، وعندئذ يكون عنصر الاصطياد الرئيسي هو الطي، أو غير متصل فيكون الصدع هو العامل الرئيسي في تكوين المصيدة، أو تكون الطية المحدبة قد تأثرت بالصدع فانفصل التجمع البترولي بها إلى أجزاء.
وتتكون مصائد الاختراق القبوي نتيجة تحرك كتل من الملح أو الطين إلى أعلى، ويندر وجود القباب الطينية، لكن القباب الملحية ظاهرة جيولوجية منتشرة، وهي تتكون نتيجة اختلاف كثافتي الملح والطبقة الرسوبية التي تعلوه، فالملح أقل كثافة، ومن ثم يندفع إلى أعلى، ويتسبب في “تقبب” الطبقات الرسوبية التي تعلوه، فإذا وجد بها البترول فإنه يتحرك نحو الجوانب الخارجية للطبقة الملحية، وينحصر بين الطبقات الرسوبية من جهة والقبة الملحية من جهة أخرى. ويؤدي النمو غير المنتظم للقباب الملحية إلى تكوين مصائد متعددة متتالية ومتنوعة كما في حقل الدمام. وأهم أسباب تكوين مصائد القباب الملحية هي اندفاع غازات مصاحبة لنشاط بركاني، ينتج عنها ترسيب الأملاح من المحاليل المائية، ثم اندفاع الكتل الملحية إلى أعلى، أو صعود المحاليل الملحية الحارة إلى أعلى من خلال ثغرات ضعيفة في الطبقات، ثم انخفاض درجات حرارتها تدريجيا مسببة ترسيب الملح، وتزايد كميته وحجمه تدريجيا، نتيجة استمرار عمليات التبريد Crystallization والتبلور، ما يؤدي إلى اختراق القباب الملحية للطبقات الرسوبية التي تعلوها وتوغلها فيها.
والنوع الثالث من مصائد البترول هو الطبقية منها، التي تتكون نتيجة تغييرات جانبية من حيث السماحية والنفاذية في صخور المكمن أو عدم استمراريتها، وفي هذا النوع يكون تماس الصخور المختلفة حاداً أو تدريجيا ومتوافقا. ومن أهم المصائد الطبقية تلك التي يحاط فيها صخر المكمن المنفذ بآخر غير منفذ مثل الطفل الصفحي، وبذلك يكون التغير في النفاذية أساس تكوين المصيدة .
وتقسم المصائد الطبقية إلى مصائد غير مصاحبة لسطح عدم توافق، وأخرى مصاحبة لسطح عدم توافق، وهناك نوعان من المصائد البترولية غير المصاحبة لسطح عدم توافق، هما المصائد الترسيبية والمصائد البين تكوينية. والمصائد الترسيبية بدورها إما مصائد ترقيق Pinch-out، أو مصائد شعب مرجانية. فعندما يتضاءل سمك قطاع سميك من صخور ذات مسامية ونفاذية، ويدمج هذا القطاع في صخر طيني غير منفذ يتم اصطياد البترول في الجزء المسامي والمنفذ من القطاع. وفي مصائد الشعاب المرجانية تحاط أحجار الجير المرجانية ذات المسامية والنفاذية بصخور غير منفذة، ومن الشعاب المرجانية أنواع مستديرة، وأخرى مستطيلة يبلغ طولها مئات الأميال، وعرضها بضعة أميال مثل حقل كركوك بشمال العراق.
ومصائد القنوات Channels عبارة عن وسط بيئي لنقل الرمال على شكل قنوات طويلة ذات مسامية ونفاذية عالية، يتم اصطياد البترول والغاز فيها. أما مصائد الحواجز Barrier Bar Traps فهي كتل رملية أو من الزلط والحصى، وتظهر غالبا بشكل جزيرة على الشاطئ، ورمالها غالباً نظيفة وجيدة التصنيف Well–sorted. وهناك حواجز رملية مطوقة بطين صفحي بحري، أو طين صفحي من بحيرات شاطئية، تكون مصائد نفطية.
ومن العمليات البين تكوينية دور السوائل في إذابة صخور المكمن لتكسبها مسامية ثانوية، أو دور المحاليل الغنية بالمعادن في عملية التسميت Cementation، التي تكاد تؤدي إلى تدمير مسامية الخزان البترولي. ويمكن أن تؤدي هذه العمليات إلى تكوين مصيدة بترولية إذا اعترض نطاق مسمنت طريق بترول أو غاز يتحرك إلى أعلى في طبقة منفذة. كذلك يمكن اصطياد البترول أو الغاز في نطاق معين بسبب نشوء مسامية ثانوية في حيز محلي في صخور مسمنتة، وقد تتسبب عملية “التدلمت” Dolomitization في تكوين مصائد نفطية بين تكوينية غير منتظمة؛ لأن الدولوميت يشغل حيزا فراغيا أقل من الحجم الأصلي الذي كان يشغله الحجر الجيري.
أما المصائد المصاحبة لسطح عدم توافق فتنشأ نتيجة عمليات تآكل Erosion تؤدي إلى تكوين سطح عدم توافق يفصل بين صخور منفذة وصخور غير منفذة، وعندئذ يتم تكوين مصيدة البترول في الصخور المنفذة أعلى سطح عدم التوافق أو أسفله.
والنوع الرابع هو مصائد البترول الهيدروديناميكية حيث تقوم قوة الماء بدور أساسي في منع البترول من التحرك في اتجاه أعلى الميل في الطبقة الرسوبية، إذ يعترض الماء المتحرك هيدروديناميكيا في اتجاه أسفل الميل السوائل البترولية الصاعدة إلى أعلى عندما تكون القوة الهيدروديناميكية للماء أكبر من القوة الناتجة من قابلية طفو قطرات البترول في الماء Buoyancy، وبذلك يمنع الماء تحرك البترول لأعلى، ما يمكِّن من اصطياده دون الحاجة إلى وجود حاجز غير منفذ .
والنوع الخامس هو مصائد البترول المركبة التي تتكون من عنصر طبقي نشأ عن وجود حافة فاصلة بين طبقات منفذة وأخرى غير منفذة، وعنصر تركيبي نتج عن حركات بنائية للقشرة الأرضية تسمى بالحركات التكتونية. ومن أمثلتها اصطياد البترول في مواجهة صدع Fault ، وهو عنصر تركيبي، في طبقة رملية أحاطت حوافها طبقة غير منفذة تمثل عنصرا طبقيا، ومصيدة طبقية مصاحبة لسطح عدم توافق تم طيها لاحقا . وتعطي المصائد المتعددة التي يواكب تكوينها نشوء القباب الملحية أمثلة لكل أنواع مصائد البترول من تركيبية أو طبقية أو مركبة.
ونشير أخيراً إلى تلك الأشكال الهندسية التي تمثل مصائد محتملة للغاز أو البترول ولكنها خاوية منهما، وأحيانا تعلوها أو تبطنها طبقات حاملة للمياه الجوفية خالية من آثار البترول. وقد يحدث ذلك نتيجة لاصطياد الرواسب البترولية قبل وصولها للمصائد الخاوية، أو لأنها لم تمر على تلك المصائد، أو لعدم توفر صخور مصدر مناسبة في أماكن وجود المصائد الخاوية.
مراحل الإنتاج وتنمية الحقول
يعد الحفر الوسيلة الوحيدة للتأكد من وجود مصيدة البترول، ما يتطلب الدقة في اختيار مواقع حفر آبار الاستكشاف وتقويم الحقل، كما أن الحفر يحدد تتابع الطبقات التي يجري اختراقها وسمكها وصفاتها وامتدادها الأفقي، ويعد مهما في تحديد حجم البترول المخزون في البئر وإنتاجيته المتوقعة، ومعدل الاستخلاص المنتظر الذي يرتبط بنوع مكمن البترول، وطاقته الطبيعية التي تؤدي إلى تدفق الزيت والغاز في تجويف البئر، وكلها تعد مؤشرات عملية على الجدوى الاقتصادية والفنية لحقل البترول. ويتحدد موقع وعمق البئر طبقا لنوعها سواء كانت استكشافية، أو مساندة تحفر للحصول على مزيد من المعلومات الجيولوجية، أو لتطوير حقول البترول.
ويجري طبقا لنوعيات صخور الطبقات، وطبيعة تماسها سويا، وتقديرات السمك التقريبي، التحديد المبدئي لعمق الآبار، وأقطار وأطوال مقاطع الحفر، وأنواع أنابيب التبطين التي يتم إنزالها بعد الانتهاء من حفر هذه المقاطع، وأنواع طين الحفر المستخدم في كل مقطع. وقبل الحفر تحدد القياسات المطلوبة من كهربائية وإشعاعية وصوتية وحرارية، وأعماقها، والمقاطع المطلوب اختبارها وأخذ العينات منها، سواء كانت من الصخور الفتاتية المجروشة أو من اللباب أو السوائل، لتحديد نوعيات الصخور ومساميتها ونفاذيتها، إلى جانب اختيار مانعات الانفجار التي تركب على فوهة البئر.
وقد تطورت تكنولوجيا حفر الآبار لتصل أعماقها إلى آلاف الأمتار، وابتكر الحفر التوربيني بعد أن استمر الحفر الرحوي طويلا، واستحدثت عمليات الحفر الأفقي الذي يمتاز عن الحفر العمودي بإمكانية تجاوز كثير من العقبات الطبيعية والعمرانية للوصول إلى مكامن البترول محدودة السمك وقليلة النفاذية. وتحفر بئر البترول عادة بقطر نحو ثلاثين بوصة عند سطح الأرض، ثم يتناقص قطرها تدريجيا كلما تعمقت البئر إلى أسفل، حتى يصل إلى حوالي أربع بوصات عند قاع البئر.
وإذا كان الحفر بالدق، تُفتت الصخور وتحفر البئر برفع وإسقاط عمود الحفر والدقاقة المرتبطة به، وإخراج الفتات أولا بأول في عملية بطيئة، يكتنفها قدر كبير من الخطورة عند الوصول إلى طبقة بترولية أو غازية ذات ضغط عال. وفي الحفر الدوراني أو الرحوي تُفتت الصخور بدوران الدقاقة مع عمود الحفر، وتحت تأثير الثقل الواقع على الدقاقة من قبل الأنابيب الثقيلة التي تشكل جزءا من عمود الحفر، ويجري التخلص من فتات الصخور عن طريق ضخ طين معين في أنابيب الحفر بواسطة مضخات على السطح، ويخرج الطين محملاً بفتات الصخور من البئر من خلال حيز الفراغ الموجود بين الأنابيب وجدار الحفر، ثم يفصل فتات الصخور من الطين وإعادة تدويره مرة أخرى. ويؤدي استخدام الطين إلى تبريد الدقاقة وعمود الحفر، ودعم جدران الحفرة بتكوين طبقة طينية عليها.
وبعد انتهاء الحفر، وأحيانا في أثناء تقدم الحفر تجري عملية تبطين البئر Casing Well ، بإدخال أسطوانة فولاذية حول عمود الحفر، تشكل جداراً دائماً للبئر يحميه من الانهيار، أو تداخل المياه الجوفية، والغازات والسوائل من الطبقات الأرضية غير الطبقة الرئيسية التي سينتج البترول منها، وكذا لتوفير مسار لصعود طين الحفر محملا بفتات الصخور الناتجة عن حفر البئر. وعند الوصول إلى الطبقات المنتجة تثقب الأسطوانة لتسمح بمرور السوائل البترولية والغازات إلى سطح الأرض. ثم تبطن البئر بين الصخور والأسطوانة الفولاذية بطبقة من الخرسانة تكون دعامة للبئر، وتمنع تسرب السوائل وتداخلها من طبقات الأرض المختلفة عن طريق جدار البئر، ويستأنف الحفر أو إكمال البئر مع تقليل قطر تجويفه أسفل الدعامة الخرسانية. وبعد التبطين تجري عملية تركيب مجموعة رأس البئر، ومانعات الانفجار، واختبارها، والسماح للبئر بالإنتاج وتقدير إنتاجيته. ويصنف إنتاج البترول من الطبقة الحاملة إلى إنتاج أولي وثانوي وثلثي Tertiary Recovery.
الإنتاج الأولي والثانوي والثلثي للبترول
تختلف الخامات البترولية من حيث محتوياتها الأساسية من المقطرات الخفيفة مثل الجازولين، والمقطرات الوسطى مثل الكيروسين، والمقطرات الثقيلة مثل المواد الشمعية وزيوت التزييت، والمنتجات الثقيلة غير المقطرة مثل البتيومين والأسفلت، وتصنف الخامات البترولية وفق كثافتها النوعية التي تعتمد على نسب مكوناتها من تلك المقطرات والنواتج الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.
ويلاحظ أنه عند بدء إنتاج البترول تكون نسبة الغازات البترولية عالية بصورة واضحة، وتنتج ما تسمى بالمكثفات البترولية Petroleum Condensates ، ثم تقل نسبة الغازات المذابة في الزيت تدريجيا مع استمرار
والإنتاج الأولي هو إنتاج البترول من الآبار في بداياتها بالتأثيرات الطبيعية، أي بقوته الذاتية الكامنة، إذ تكون الطاقة اللازمة لدفع البترول من المكمن إلى فوهة البئر أكبر من مجموع طاقات التماسك بين الصخور والسوائل الموجودة في مسامها ومن تأثير الجاذبية. ويستمر هذا النوع من الإنتاج حتى ينخفض الضغط في المكمن، ويبدأ معدل الإنتاج في الهبوط. وتشير الإحصاءات في أغلب آبار منطقة الشرق الأوسط إلى أن كمية البترول المنتجة في مرحلة الإنتاج الأولي لا تتجاوز 20 – 30% من إجمالي البترول المتوفر في المكمن. ومن بين مشاكل الإنتاج الأولي أن الضغط قد يكون عاليا إلى حد أن يطيح ببرج الحفر في أثناء الحفر الاستكشافي أو الإنتاجي، ما يتطلب تركيب صمامات متعددة للتحكم في تدفق البترول ولمنع الانفجار، وبعضها يعمل يدويا والآخر يعمل آليا وتجري السيطرة عليه عن طريق مركز مراقبة وتحكم آلي.
ويعتمد الإنتاج الأولي إما على تأثير الغاز أو ضغط الماء أو على الجاذبية الأرضية. لكن تأثير الضغط الناتج عن الغازات المذابة يتناقص بسرعة، كما يصعب التحكم في نسبة الغاز إلى الزيت، وفي الغالب يتناقص ضغط القاع في البئر Bottom Hole Pressure بسرعة، وبالتالي يتناقص الإنتاج تحت هذا التأثير. وإذا ما وجد الغاز الطبيعي في طبقة منفصلة تعلو طبقة الزيت وتتميز بضغط ذاتي عال يمكن إنتاج 40 – 50% من الخام، إذا أمكن الإبقاء على نسبة عالية من الغاز إلى الزيت حتى قرب نهاية المرحلة الأولي لإنتاج الآبار.
وفي حقول البترول ذات الضغط المتوسط، قد يكون الضغط الذاتي في الطبقة الحاوية للبترول غير كاف لتدفق البترول بكميات اقتصادية، أو غير كاف لدفع البترول ذاته إلى سطح الأرض وبخاصة في حالة الآبار العميقة. وعندئذ ينتج البترول من هذه الحقول بواسطة مضخات ماصة لرفع البترول إلى سطح الأرض، ويطلق عليها اسم مضخات رأس البغل Mule Head Pumps. كما تستخدم المضخات الماصة في رفع معدل الإنتاج المنخفض في بعض الحقول. وهناك نوعان من المضخات أولهما مضخات الأعماق التي يجري إنزالها في قاع البئر، والثاني يركب على فوهة البئر، وتعمل هذه المضخات إما بالطاقة الكهربية أو بوقود الديزل.
أما في الإنتاج الثانوي فيرفع ضغط المكمن عن طريق حقن الماء في الطبقة الحاوية للماء، أو الغاز أعلى الطبقة الحاوية للبترول، أو الاثنين معاً بالتبادل. ويبدأ الإنتاج الثانوي بعد أن يتوقف الإنتاج الأولي للبترول. وقد تضخ كميات كبيرة من الغازات البترولية – إذا توفرت – لرفع الضغط الذاتي لبترول المكمن، أو كميات من الماء الساخن، وبخار الماء للامتزاج مع الطبقة الحاوية للماء أسفل طبقة الزيت، وأحيانا مع طبقة الزيت ذاتها لتكوين المستحلبات Emulsions التي يمكن ضخها إلى سطح الأرض. وقد تضاف إلى الماء مركبات ذات نشاط سطحي تساعد على تكوين المستحلبات، وعلى إحلال البترول الممتز على أسطح مسام الصخور الرسوبية ودفعه إلى السطح. وغالبا ما تحفر آبار على أعماق مختلفة تصل إلى طبقات الغاز والزيت أو الماء حسب أنواع المواد التي تستخدم في استخلاص البترول، ووفق طبيعة التراكيب الجيولوجية للمكامن البترولية وطبيعة وجود الزيت بها، وضغوطها الذاتية.
وفي المصائد البترولية ذات التركيب القبوي توجد طبقة المياه أو ماء التكوين Formation Water في حالة اتزان مع الخامات البترولية تحت طبقة الزيت، كما قد يوجد الماء في صورة معلقات الماء في الزيت، أو معلقات الزيت في الماء في طبقة بينية بين الماء والزيت. ومع استمرار الإنتاج يتناقص الضغط في الطبقة الحاوية للبترول، وتتناقص المساحة السطحية للحقل البترولي إلى الداخل، وقد يصل الماء إلى مستوى بعض الآبار المنتجة، وعندئذ يستعمل بعض هذه الآبار في ضخ المياه إلى طبقة ماء التكوين لتعويض التناقص في الضغط، مع مراعاة أن يكون معدل إزاحة الزيت متناسبا مع معدل سريان طبقة الماء لتجنب إنتاج كميات كبيرة من الماء المخلوط بالخام، ومن الممكن في بعض الحقول المنتجة بضغط الماء الحصول على 80% من الزيت الموجود في المصيدة.
ويستخدم، منذ بداية الخمسينيات، أسلوب الحقن بالمياه في أغلب حقول البترول في الولايات المتحدة الأمريكية لزيادة معدل استخراج البترول. وقد استخدمت طريقة الحقن الذاتي بالمياه في حقل الرزاق (بالصحراء الغربية بمصر، من خلال تحويل المياه الموجودة تحت سطح الأرض في أحد الآبار – وهي مياه ذات ضغط عال وفي خزان منفصل – إلى الطبقات الحاملة للزيت، وهي ذات ضغط أقل، وأدى الفارق بين الضغط في الطبقتين إلى اندفاع المياه إلى الطبقة الحاملة للزيت، ورفع ضغطها، وزيادة إنتاجها، وتحسين نسبة استخراج الزيت منها.
أما في حقول المرجان ويوليو ورمضان في مصر كذلك، فقد استخدمت طريقة حقن المياه بعد معالجتها في آبار حفرت خصيصا لهذا الغرض طبقا لترتيب هندسي معين، وملائم لطبيعة الخزان البترولي وحجمه، وتقوم المياه المحقونة إما برفع ضغط المياه الأصلية المحيطة بالخزان، وبالتالي ترفع ضغطه، وتدفع المياه الزيت إلى السطح، أو قد يجري الحقن في آبار الحقن وسط الخزان البترولي ذاته في تشكيل هندسي خاص، حيث تدفع المياه الزيت مباشرة، وبخاصة في حالة الخزانات غير المحاطة بالمياه الجوفية.
وفي حقل المرجان، في خليج السويس، الذي يتجاوز احتياطيه الحالي مليار برميل، انخفض ضغط الخزان من 3000 رطل/بوصة مربعة عام 1974، إلى أقل من ألف رطل/بوصة مربعة على عمق 6100 قدم تحت سطح البحر، ما أثر على معدلات الإنتاج. ولما كان هذا الخزان من النوع الذي يعمل بنظرية الدفع بالغازات المذابة في الزيت مع ضغط المياه غير النشطة، فقد استخدم نظام الحقن بالمياه في الإنتاج الثانوي، مع أن صخور حقل المرجان من النوع الذي يتبلل بالزيت فقط، وقد بلغ معدل الحقن حوالي أربعمائة ألف برميل يومياً.
ومن أهم طرق الإنتاج الثانوي دفع كميات من الغاز الطبيعي المصاحب للنفط إلى البئر بعد فصله عن خام البترول، وضغطه، للتخلص من أية مكثفات بترولية مثل البروبان والبيوتان، والبنتان المتطايرة مع الغاز الطبيعي. ويمكن نقل الغاز الطبيعي من حقل مجاور إذا لم تكن كميته المصاحبة للبترول المنتج كافية لدفعه في البئر. ويدفع الغاز إما إلى قاع البئر من بين التبطين الخرساني والعمود الأسطواني، أو بضخه من خلال الآبار التي تصل إلى طبقة الغطاء الغازي. ومن بين طرق زيادة معدل الإنتاج القوة الهيدروليكية للماء لإحداث تشققات Fractures في الطبقة الحاملة للزيت، أو استخدام الأحماض في حالة الحجر الجيري لزيادة وتكبير قنوات التدفق وتكبيرها إلى جانب الاحتراق الجوفي لتسخين الزيت حتى يتدفق بسهولة في الآبار.
وأحيانا قد يؤدي ارتفاع لزوجة خام البترول إلى صعوبة سريانه خلال الصخور الرسوبية بمعدل يحقق الجدوى الاقتصادية للآبار، وعندئذ يمكن رفع درجة حرارة الخام، وخفض لزوجته بإدخال وحدة تسخين كهربائية في البئر أو بدفع الماء الساخن. كذلك يمكن إشعال جزء صغير من خام البترول بتمرير كمية محدودة من الهواء في إحدى الآبار، واستخدام الحرارة الناتجة لإسالة الخام وتسهيل تدفقه من خلال الآبار الأخرى.
وفي الإنتاج الثلثي يٌزاح خام البترول من مكمنه بعدة طرق للحصول على الكميات المتبقية من الخام، والتي تكون عادة في صورة حبيبات صغيرة منفصلة عن بعضها، وممتزة على أسطح الصخور الرسوبية الحاوية للخام. وتتراوح الكمية المتبقية من خام البترول بعد الانتهاء من الإنتاج الأولي والثانوي بصورة اقتصادية بين 50% الى 70% من الاحتياطي المرجح في الحقل البترولي.
وأهم طرق الإزاحة هي الإزاحة المتجانسة بواسطة حقن المكامن البترولية بالغازات أو السوائل الهيدروكربونية، أو بالغازات غير الهيدروكربونية، أو الإزاحة الحرارية من خلال الاستخدام المتقطع والمستمر لبخار الماء كالغمر بالبخار. وتجري الإزاحة المتجانسة باستخدام مخلوطات من المركبات ذات النشاط السطحي، سواء الذائبة في الماء أو على شكل غرويات Colloids، تدفع إلى طبقة الزيت، وتعمل على إحلال حبيباته الملتصقة على أسطح مسام الصخر البترولي بقوة الخاصية الشعرية، وتجميعها ثم دفعها إلى سطح الأرض.
وتصنف هذه المركبات ذات النشاط السطحي – حسب نوعية المجموعة المحبة للماء في تكوينها – إلى مركبات أيونية سالبة وموجبة أو غير أيونية. وتشمل الأيونات السالبة مشتقات الكبريتات، والسلفونات Sulfonates، وسلفونات حامض السلفونيك، والكربوكسيلات Carboxylates. وتشتمل الأيونات الموجبة على أملاح الأمونيوم الرباعية. أما المركبات غير الأيونية فمنها الكحولات، والجليكولات Glycols، وايثوكسيلات الكحولات والفينولات، وكحولات الأميدات، والجلوكوسيدات Glucosides وكذلك السكريات العديدة Polysaccharides. ويمكن اختيار نوع، المجموعات الشرهة للماء والتحكم في كميتها؛ لتحديد مدى ذوبان المركبات ذات النشاط السطحي في الماء، كما يمكن أيضا تغيير الشق الهيدروكربوني لزيادة مواءمة الجزيئات لطبقة الزيت.
وبوجه عام تنقسم عمليات مركبات النشاط السطحي إلى مجموعتين، وفي أولاهما يستخدم محلول منخفض التركيز من المنظفات، على هيئة جزيئات رغوية، لدفع حبيبات الزيت أمامه بواسطة الإحلال غير الممتزج Immiscible Displacement، وفي الثانية يستعمل محلول عالي التركيز من المنظفات، ويحتوي على كميات متفاوتة من الكحولات، لتمتزج مع حبيبات الزيت وتكون مستحلبات Emulsions بترولية يسهل دفعها إلى سطح الأرض، فيما يسمى بالإغراق الممتزج Miscible Flooding.
وهذه المنظفات تخفض التوتر السطحي بين الماء والزيت، وتساعد على تكوين الطبقة البينية بينهما، وإذا كان استخدامها مكلفا من الناحية الاقتصادية، فإنها تحقق الحصول على نحو 90% من الخامات البترولية المتبقية في الحقول بعد استنفاد طرق الإنتاج الأولي والثانوي.
وتبقى الإزاحة الحرارية طريقة شائعة في الإنتاج الثلثي، وتشمل الاستخدام المتقطع والمستمر لبخار الماء، والحرق الموضعي بنوعيه الجاف والرطب. وقد أسهمت الإزاحة الحرارية في استخراج أكثر من 60% من البترول المنتج بواسطة الإنتاج الثلثي.
وطريقة الاستخدام المتقطع للبخار من أكثر الطرق استعمالا في حقول البترول في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وفي رومانيا وكندا وفنزويلا. وفي كل الأحوال لابد من مراقبة دقيقة لكل آبار الإنتاج، وقياس ضغط الخزان البترولي، ونسبة الغاز إلى الزيت في إنتاج البئر. فإذا ارتفعت نسبة الغاز إلى الزيت في البترول المنتج فقد يتطلب الأمر الحد من إنتاج البئر أو إغلاقها، أو خفض المستوى الذي يبدأ عنده تثقيب الأسطوانة الفولاذية المحيطة بعمود الحفر.
ويعزى تدني إنتاج البئر إلى ترسيب رواسب شمعية من الزيت في تجويف البئر أو قرب قاعه أو فوهته، أو إلى دخول الرمل إلى البئر، ما يعطل تدفق الزيت بالمعدل المطلوب، أو يعطل المضخات. ومن ناحية أخرى فقد يتآكل التبطين، أو تتساقط طبقته الخرسانية ما يؤدي إلى تسريب الماء أو الغاز إلى البئر من صخور أخرى غير صخور الخزان البترولي.