ملاحظة مهمة: هذا المقال حصري لموقع AONG ، لا يمكن نقله وإعادة نشره في موقع آخر إلا بذكر رابط المقال .
مقدمة عامة :
إن زيادة الطلب على الطاقة في العالم ولاسيما النفط والغاز استوجب توسيع دائرة البحث عن هذه المواد المهمة لسد متطلبات الحياة والصناعة حيث يعتبر النفط والغاز العصب الرئيسي للصناعات العصرية وانطلاقاً من هذا المبدأ تم حفر الآبار النفطية والغازية وتطورت تقنياتها بمرور الزمن إذ يشكل حفر الآبار الحلقة الأساسية والمهمة التي لا بد منها في سلسلة الصناعة النفطية وكما ذكرنا أن السبب الرئيسي في تطور تقنيات هندسة حفر الآبار يُعزى إلى الطلب المزايد على النفط والغاز الأمر الذي تطلب زيادة كبيرة في حجم عمليات الحفر من جهة و زيادة أعماق الآبار المحفورة من جهة أخرى و أدى ذلك إلى حفر الآبار في ظروف أكثر تعقيداً مع تقنيات تكنولوجية عالية الدقة سواء على اليابسة ( Onshore drilling) أو في أعماق البحار و المحيطات (off shore drilling) .
تتميز عمليات الحفر بشكل عام بكلفتها المرتفعة جداً و ذلك نظراً للمواد و المعدات التي تتطلبه من جهة و للزمن الكبير اللازم لإنجازها من جهة أخرى و تزداد هذه الكلفة بازدياد الصعوبات والمشاكل التي تعترض العاملين على منصات الحفر (Drilling Rigs) خلال عمليات الحفر الفعلية و الطرق المتبعة في معالجة هذه المشاكل و يساهم في ارتفاع هذه الكلفة بشكل أساسي عدم الإلمام الكافي بخصوصيات حفر الآبار من قبل القائمين على هذه العمليات سواء أكانوا من المخططين أم المنفذين و لهذا الأمر فقد أصبح لزاماً على المختصين مواكبة التطور في هذا التخصص الدقيق الذي يشكل الأساس و الجذر المتين التي ترتكز عليها العمليات الأخرى المتممة اللاحقة .
و انطلاقاً من كل ما سبق فإن عمليات تدعيم الآبار تشكل نقطة التحول في نجاح عمليات الحفر من عدمها و يطلق هذا المصطلح على عمليات تغليف الآبار (تبطين الآبار) (Well Casing Operations) و عمليات سمنتة الآبار (Well Cementing Operations) و بالمجمل فإن كافة عمليات التدعيم تهدف إلى زيادة مقاومة الآبار بهدف الحفاظ على هيكلها طوال الزمن المقدر لاستهلاك المكمن و الذي قد يستمر لعدة عقود من الزمن كما تأتي أهمية التدعيم كونها تمثل المرحلة الأخيرة لتنفيذ البئر النفطية أو الغازية و التي ينفذها طام الحفر و عن أي فشل في هذه العمليات سوف يعيق بشكل مؤكد عمليات الاستثمار اللاحقة للآبار و لن تسمح بالتخطيط السليم و تطبيق النظم التي توافق ظروف المكمن.
سنتطرق في هذا المقال إلى التعريف و الحديث عن مفهوم عمليات سمنتة الآبار النفطية والغازية و أهمية هذه العملية في الحفاظ على بناء البئر و هيكليته إضافة إلى تبيان مكونات الإسمنت الأساسية و الخواص الأساسية للسوائل الإسمنتية التي تشكل القاعدة المتينة لنجاح عمليات السمنتة .
السمنتة ( تعريفها وأهميتها ) :
السمنتة : هي عبارة عن عملية ضخ السائل الإسمنتي (ماء + اسمنت) من داخل مواسير التغليف ثم إزاحته إلى الفراغ الحلقي أي أننا نقوم باستبدال سائل الحفر الموجود في الفراغ الحلقي بسائل إسمنتي والذي يتصلب بعد فترة زمنية معينة مشكلاً حول مواسير التغليف ما يسمى بالحجر الإسمنتي .
ويمكن تلخيص أهمية عملية السمنتة بالنسبة للبئر النفطية أو الغازية بالنقاط التالية:
1. عزل الطبقات الجيولوجية :
حيث تعزل العمليات الإسمنتية الطبقات الجيولوجية عن بعضها البعض وهي الوظيفة الأهم لعمليات السمنتة حيث تمنع اختلاط الموائع المتواجدة فيها وعدم انتقالها من المناطق ذات الضغط المرتفع إلى المناطق ذات الضغط المنخفض وتحقق عازليه جيدة للطبقات المنتجة عن بقية الطبقات الأخرى الأمر الذي يسهل استثمارها على مراحل .
2. حماية أنابيب التغليف:
حيث يجب حمايتها من التأثير التآكلي بفعل المياه الطبقية المالحة أو سائل الحفر الذي دخل الطبقة أو بقي خلف مواسير التغليف أو بفعل الموائع الطبقية الحامضية (SO4—CO2,CO, NO3–, ) .
3. إبعاد تأثير سائل الحفر أو فاقد الرشح عن الطبقات الصخرية:
حيث تبعد عمليات الاسمنت تأثير سائل الحفر أو فاقد الرشح عن الطبقات التي تتأثر ثبوتيتها بالماء (غضار, ملح ) وبذلك تثبت عمليات الاسمنت هذه الطبقات وتمنعها من الانهيار وبالتالي تحمي مواسير التغليف من الضغط الخارجي الناتج عن التهدم والآثار السلبية التي قد تتبع ذلك .
4. تثبيت مواسير التغليف وتدعيمها:
من خلال تشكيل رابطة مقاومة بين السطح الخارجي للمواسير والجدران الصخرية للبئر
الإسمنت :
يعتبر الاسمنت المادة الرئيسية في عملية السمنتة وهو عبارة عن مسحوق ناعم جداً تتراوح أبعاده بين (150 – 10) ميكرون. وهو مكون من مزج عدة مواد مطحونة ذات تركيب معدني معين, ويتصف بخاصية التصلب(التحول إلى حجر) عند مزجه مع الماء. وينتج الاسمنت من حرق خليط من الجير (الطباشير والحجر الجيري ) والغضار إلى درجة حرارة تحميص المكونات الداخلة في تركيبه أي حوالي (1450 CO) بعد ذلك تتم عملية طحنه إلى أبعاده المحددة . وهنالك تصنيفات متعددة للإسمنت ولكن بشكل عام يؤخذ تصنيف المعهد الأمريكي بالاعتبار في أغلب الأحيان . حيث يصنف المعهد الأمريكي للنفط الاسمنت إلى الأنواع التالية والتي حددت فيه خواصه الفيزيائية والكيميائية وفقاً لعمق البئر وهذه الأنواع هي:
(A,B,C,D,E,F,G,H)
أما بالنسبة للإسمنت البورتلاندي وهو النوع المستخدم في سمنتة الآبار الغازية فإنه يتشكل من حجر كلسي و غضار و أحياناً أكاسيد الحديد والألمنيوم والتي تخلط مع بعضها البعض وتسخن إلى درجة الحرارة المطلوبة ضمن فرن دوار ويتشكل من المكونات التالية :
CaOSiO2 :
وهي عبارة عن المادة الرئيسية التي تؤمن للإسمنت قوته وصلابته ,حيث يتهدرج هذا المركب ببطئ ليعطي الاسمنت الصلابة المطلوبة ويرمز له بالرمز (C3S) وتكون نسبته في الاسمنت حوالي (5 -25)%.
CaOAl2O3 :
حيث يسرع هذا المركب هدرجة الاسمنت كما يتحكم بزمن التخثر (زمن الشك الابتدائي) ويرمز له بالرمز (C3A) وتكون نسبته في الاسمنت حوالي 10%.
CaOAlO3Fe2O3 :
ويؤمن هذا المركب حرارة هدرجة قليلة ويرمز له بالرمز (C4AF) وتكون نسبته في الاسمنت حوالي 10% وبالتالي فإن التأثير الذي نحصل عليه لهذه المواد يجعلنا قادرين على تطوير الاسمنت من أجل تطبيقات متعددة تلبي احتياجات الصناعة النفطية .
خواص السوائل الإسمنتية :
السائل الإسمنتي هو عبارة عن خليط من الماء والاسمنت مع بعض الإضافات والتي تخلط مع هذا السائل بنسب معينة بهدف تحسين خواص السائل الإسمنتي وبالتالي الحجر الإسمنتي المتشكل, وتعتبر خواص السائل الإسمنتي من العناصر الأساسية في نجاح عمليات السمنتة أو فشلها . وكتابع للزمن فإن نوعية السائل الإسمنتي يجب الحفاظ عليها لفترة قصيرة من بداية تحضير السائل الإسمنتي وحتى نهاية عملية السمنتة . وتعتمد هذه الخواص على عوامل عديدة مثل التركيب المعدني والكيميائي لمسحوق الاسمنت ونوع وكمية المواد المضافة ونسبة الماء إلى مسحوق الاسمنت ونظام الخلط ونظام جريان السوائل في الفراغ الحلقي ثم الشروط الطبقية.
إقرأ أيضاً دليل الإنتاجية Productivity Index
ونبين فيما يلي أهم خواص السوائل الإسمنتية :
الوزن النوعي للسائل الإسمنتي :
وهو عبارة عن وزن واحدة الحجم من السائل الإسمنتي وهو من الخواص الهامة جداً لأنه يمثل الدليل العملي الوحيد لجودته أثناء التحضير ثم النقل إلى البئر وتدل تذبذبات الوزن النوعي للسائل الإسمنتي على تغير خواصه الأخرى.
إن زيادة الوزن النوعي تقابل تناقصاً في نسبة الماء إلى مسحوق الاسمنت أي تؤدي إلى تعجيل تكاثف السائل وتناقص الزمن الذي يمكن خلاله متابعة قابليته للحركة , بينما نقصان الوزن النوعي ينتج عن زيادة نسبة الماء إلى المسحوق الإسمنتي وخفض جودة الحجر الإسمنتي لذا يجب المحافظة عليه بقيمة ثابتة أثناء ضخ السائل الإسمنتي. تتغير نسبة الماء إلى مسحوق الاسمنت تبعا للوزن النوعي المطلوب وتتراوح بين ( W/C=3.5 – 60 %) وبذلك يكون الوزن النوعي بين(1810 -1850 Kg/m3)
وبذلك يكون الوزن النوعي للسائل الإسمنتي دائما أعلى أو على الأقل يساوي الوزن النوعي لسائل الحفر وذلك للأسباب التالية :
1- تجنب حدوث اندفاعات ذاتية من الطبقات الخازنة للموائع أثناء عملية السمنتة .
2- المحافظة على قيمة الضغط المعاكس على بعض الطبقات القابلة للانهيار .
3- الحصول على إزاحة جيدة لسائل الحفر من الفراغ الحلقي من قبل السائل الإسمنتي .
يمكن زيادة الوزن النوعي بتخفيض النسبة W/C أو بإضافة مواد مثقلة كالبارايت و أكاسيد الرصاص والهيماتيت ويمكن إنقاصه بزيادة النسبة W/C أو بإضافة بنتونايت ( البيلون )
ثبوتية السائل الإسمنتي :
تعرف الثبوتية على أنها بقاء مكونات السائل الإسمنتي مبعثرة بشكل متجانس حتى عند توقفه عن الحركة , وتسمى اكبر كمية ماء قابلة للانفصال عن السائل الإسمنتي بتأثير الجاذبية بالفاصل المائي وهو يعتمد على نوعية المسحوق الإسمنتي ومعالجاته المختلفة وكذلك على نسبة الماء إلى الاسمنت يؤدي فصل الماء إلى ظهور أحزمة مائية وتغير في خواص السائل الإسمنتي والحجر الإسمنتي .
يمكن التقليل من كمية الماء بمعالجة السائل الإسمنتي بمواد غروية (البنتونايت) أو بزيادة السطح النوعي للإسمنت أو بخفض النسبة W/C وتحدد الثبوتية بوضع كمية من السائل الإسمنتي الممزوج جيدا ًبالماء في أنبوبة مدرجة سعتها 250 cm3 وتترك في حالة سكون مدة ساعتين حيث تقاس كمية الماء المنفصلة وتنسب إلى الحجم الكلي للسائل الإسمنتي ويجب ألا تزيد عن 2%.
فاقد الرشح :
هو عبارة عن كمية الماء التي يفقدها السائل بتأثير فرق الضغط الذي يتعرض له وتعتمد قيمة فاقد الرشح للسائل الإسمنتي على نسبة الماء إلى مسحوق الاسمنت وعلى قيمة فرق الضغط وهي تتناسب عكساً مع مربع السطح النوعي للمسحوق واللزوجة.
ويجب أن يتمتع السائل الإسمنتي بفاقد رشح قليل لأنه في حال حدوث العكس فإنه يؤدي إلى زيادة لزوجة السائل الإسمنتي وبالتالي عدم إمكانية رفعه في الفراغ الحلقي إلى الارتفاع المقرر . ولهذه الخاصية أهمية كبيرة وخاصة في الآبار العميقة التي تتجاوز 1500 m حيث كلما ازداد فرق الضغط المتشكل كلما ازدادت نسبة الماء المفقود بالرشح وإذا فقدت الخلطة الإسمنتية الماء اللازم للتفاعل والترابط يصبح الاسمنت أشبه بتربة رطبة غير مترابطة .
ويقاس فاقد الرشح باستخدام جهاز الباروئيد ذو الضغط المنخفض أو المرتفع حسب الظروف الموجودة في البئر .
زمن تكاثف السائل الإسمنتي :
تقيم إمكانية نقل السائل الإسمنتي إلى الفراغ الحلقي خارج مواسير التغليف بما يعرف زمن الشك ويعَرف زمن الشك البدائي (بداية الشك) بأنه بداية التصلب وزمن نهاية الشك بنهاية التصلب .
وقد اصطلح على أن تكون لزوجة السائل الإسمنتي معياراً لتحديد فترة قابلية الضخ وأخذت القيمة100 Poise كنهاية حدية وأطلق على الزمن الذي يستغرقه السائل الأسمنتي من لحظة تحضيره وحتى بلوغ لزوجته القيمة الحدية 100 Poise بزمن التكاثف وهذا الزمن هام جداً وخاصة عند سمنتة الآبار العميقة أو الآبار العميقة ذات درجات الحرارة المرتفعة.
إن زمن التكاثف له علاقة مباشرة بنسبة الماء إلى الاسمنت والإضافات الكيميائية وعندما يكون زمن التكاثف طويلاً فانه يترك المجال للتأثيرات الخارجية ( P,T, , مياه طبقية , نفط ,غاز) لتلعب دورها وتؤثر على العمود الأسمنتي السائل لذا يجب المحافظة على زمن تكاثف نظامي يعادل زمن تنفيذ العملية ويضاف إليه (25 %) زمن احتياطي وكذلك لتلافي التهريب في المجالات القابلة للتهريب أي يجب أن يبدأ السائل الأسمنتي بالتجمد مباشرة بعد فترة وجيزة من انتهاء عملية السمنتة .
سيولة السائل الإسمنتي :
تحدد خاصية السيولة مقدرة السائل الإسمنتي على الحركة خلال فترة زمنية محددة وتعين بواسطة قمع مخروطي سعته 120 Cm3مفتوح عند قاعدتيه وسطحه الداخلي ناعم وغير قابل للصدأ .يوضع القمع فوق لوح زجاجي مثبت فوق ورقة تحوي دوائر مركزية تفصل بين كل دائرة و أخرى مسافة 5mm قطر الدائرة الداخلية 100 mm)) والخارجية 250mm .
يملأ القمع بالسائل الإسمنتي حتى حافة قاعدته العلوية ثم يرفع القمع بهدوء وتكون السيولة الوسط الحسابي لقطري الدائرة المتشكلة الأعظمي و الأصغري. تعتمد قيمة السيولة على نسبة الماء إلى الاسمنت ودرجة نعومة المسحوق ونوعية مواد المعالجة .
لزوجة السائل الإسمنتي:
يجب أن تكون لزوجة السائل الإسمنتي ضمن الحدود المعقولة والتي تمكننا من ضخه في البئر بسهولة ثم إزاحته إلى الفراغ الحلقي وذلك لان هذه اللزوجة تعتبر العنصر الرئيسي الذي يحدد نهاية إمكانية ضخ السائل الإسمنتي وبالتالي نهاية عملية السمنتة وهي تتعلق بنسبة الماء إلى الاسمنت والإضافات الأخرى والضغط ودرجة الحرارة .
المراجع:
♦ Herriot watt university – cementing operations
♦ هندسة الحفر -2 ، د. خضور – محمد ، منشورات جامعة البعث في الجمهورية العربية السورية.
♦ تكنولوجيا سمنتة الآبار – م، قسيس -ماهر ، منشورات معهد رميلان لتقانة النفط والغاز .