عبدالله حمود إسماعيل – باحث نفطي
يعتبر النفط من أكثر الثروات الطبيعية في العالم قيمة، ويطلق عليه الذهب الأسود. ويوصف أيضاً بشريان الحياة. ويمثل المرتكز الأساسي في استراتيجيات الأمن لمعظم دول العالم , وأيضا يمثل المكون الهام في المنظومات السياسية والعسكرية عبر المنظمات والتحالفات الاقليميه والدولية . وهو مادة استراتيجية هامة في السلم والحرب، وأصبح سلاح اقتصادي يفوق في أهميته وتأثيره أضخم الأسلحة العسكرية في الدول المتقدمة. وهو محور كثير من الصراعات الاقتصادية والعسكرية منذ مطلع القرن العشرين.
وفي عصرنا الحاضر فإن النفط يحتل أهمية عظيمة واستطاع بخصائصه الفريدة أن يغزو العالم ويسيطر على حياة الإنسان في شتى مناحي الحياة ووهبه حياة جديدة ، فقد تغير نمط الحياة على الأرض وأصبحت البشرية تعتمد على النفط ومشتقاته ، وتدين له بالفضل في وجود والإبقاء على شعلة الحضارة العصرية. وتكمن أهمية النفط في عالمنا الحاضر في كونه المصدر الأساسي للطاقة، إضافة إلى كونه مادة أولية ووسيطة لكثير من الصناعات الأساسية.
وتتميز الصناعة النفطية بارتفاع درجة المخاطرة، حيث يعتبر عامل عدم التأكد (Uncertenty) من أهم سمات الصناعة النفطية على وجه الخصوص مرحلة الاستكشاف، بالإضافة إلى المخاطر السياسية والأمنية، وكذلك المخاطر التجارية ( تقلب وتذبذب اسعار النفط). كما تتميز الصناعة النفطية بأنها من أكثر الصناعات اعتماداً على التقنيات والتكنولوجيا الحديثة. كذلك فإن ضخامة حجم الاستثمارات اللازمة تعتبر من أهم سمات هذه الصناعة. حيث إن الاستثمار في استكشاف وانتاج النفط يتطلب مبالغ ضخمة، وبالذات في المراحل الأولى (الاستكشاف والتطوير)، إذ أن الدراسات والأنشطة الاستكشافية وحفر الآبار وكذا اقتناء الأصول والمعدات المختلفة تحتاج لمبالغ كبيرة.
ونظراً لافتقار المالك للأرض (الدولة غالباً) للقدرة على تمويل الاستثمارات و/أو عدم إمتلاك التقنيات والتكنولوجيا والخبرات اللازمة، يلجأ المالك للأرض إلى الدخول في شراكة مع شركات متخصصة في الأنشطة النفطية لديها الخبرة والتقنيات الحديثة وكذا القدرة التمويلية للاستثمار في هذه الصناعة.
وهناك العديد من الصيغ التعاقدية التي تنظم العلاقة بين الطرفين، المالك للأرض والثروة والشركات المستثمرة. وهذا المقال سيتناول الصيغ التعاقدية في الصناعة النفطية.
تجدر الإشارة إلى أن العلاقات التعاقدية بين مالك الأرض والثروة ( الدولة عادة) والشركات المستثمرة في الصناعة النفطية، تتم وفقاً لإحدى الصيغ التعاقدية السائدة في العالم، كما تتأثر بنودها وشروطها بالمنظومة القانونية للبلد المضيف، والتي تختلف من بلد لأخر. ويتمثل الإطار القانوني المنظم لمثل هذه التعاقدات عادة بالأتي:
الدستور: ويعد الاساس والذي تستند له كل القوانين والتشريعات في بلد ما.
القوانين العامة: مثل قانون الضرائب، قانون الاستثمار، قانون البيئة… الخ.
قانون النفط: حيث تصدر بعض البلدان قانوناً خاصاً بالنفط، يعنى بتنظيم العلاقة بين الدولة والمستثمر في الصناعة النفطية.
عقد الامتياز النفطي: وهو عقد يخول لصاحبه (الشركة المستثمرة) حق القيام بأعمال الاستشكاف والتنقيب عن النفط في منطقة محددة ومن ثم الإنتاج ويحدد التزامات وحقوق كل من المستثمر ومانح العقد ( مالك الأرض).
ويعتبر الدستور والقوانين العامة لبلد ما، هي الأسس التي تستند إليها الاتفاقيات النفطية كغيرها من التنظيمات التعاقدية في أي قطاع أو مجال أخر. وقد يخص قطاع النفط ببعض الخصوصيات تحددها القوانين العامة، ومن ثم تنظم العلاقات التعاقدية وفقاً لذلك. كما قد يتم اصدار قانون نفط، ينظم مختلف الجوانب للصناعة النفطية ومن ثم فإن العقود النفطية تكون محكومة بنصوص ذلك القانون، بما في ذلك الاستثناءات أو الخصوصيات (عن القوانين العامة) التي قد يحتويها قانون النفط.
ونحن هنا بصدد التطرق للترتيبات التعاقدية الخاصة بالصناعة النفطية، اي العقود والاتفاقيات التي تنظم العلاقة بين المستثمر والمالك، والتي بموجبها تحصل الشركة النفطية من مالك الأرض (سواءً كانت الدولة أو شخصية اعتبارية أو فردية) على حق الاستكشاف والتطوير والإنتاج في منطقة معينة.
وبشكل عام تصنف الترتيبات التعاقدية إلى مجموعتين رئيسيتين. المجموعة الأولى وهي أنظمة عقود الامتياز (Concessionary)أو أنظمة الضرائب (Royalty/Tax Systems)، والمجموعة الثانية وهي أنظمة تعاقدية (Contractual Systems). والشكل التالي يوضح الأنظمة التعاقدية في الصناعة النفطية وأهم العقود التي تندرج تحت كل من هاذين النظامين.
وفيما يلي عرض لأنواع العقود في الصناعة النفطية وأهم سماتها:
1- عقود الاستئجار Lease Agreement
بموجب هذا النوع من العقود تمنح الشركة النفطية الحق في الاستكشاف والتطوير والإنتاج في المنطقة المؤجرة (Property) ، وبموجب هذا العقد تتحمل الشركة النفطية كافة المخاطر وتدفع كافة تكاليف الاستكشاف والتطوير والإنتاج وتتمتع بحق الملكية العاملة Working interest، بينما مالك الأرض (المؤجر) يحصل على حصة غير عاملة Non-working interest.
وأهم ما يميز هذا النوع من العقود الآتي:
- مدة العقد غير محددة ولا تنتهي إلا بإنتهاء الإنتاج من منطقة العقد.
- تدفع الشركة النفطية (المستأجر) مكافأة/منحة توقيع إلى مالك الأرض (المستأجر) وذلك في تاريخ توقيع العقد.
- يحصل المؤجر على نسبة معينة من قيمة النفط المنتج تسمى ضريبة (Royalty) ، هذه الضريبة تمثل حصة غير عاملة (non-working interest).
- تدفع الشركة ضرائب للحكومة وفقاً للتشريعات الضريبية للدولة.
2- عقود الامتياز Concession Agreements
بموجب هذه العقود تنقل الملكية أو الحق (Property interest) إلى المقاول ، حيث يمنح المقاول الحق بالقيام بأعمال استكشاف والتطوير والإنتاج والتسويق . وتعرف هذه العقود بعقود الضرائب.
ويعود تأريخ هذا النوع من العقود إلى عام 480(ق.م) في اليونان، حيث استخدمت في صناعة استخراج وتعدين الفضة (silver mining operations ). وظهرت هذه العقود في الصناعة النفطية في العام 1901م ، حيث ابرم عقد امتياز بين إيران وشركة نفط بريطانية.
وقد ساد هذا النوع من العقود حتى بداية الستينات. وعرفت هذه العقود، بعقود الإمتيازات التقليدية (Traditional concessions). وتميزت هذه العقود بطول مدتها حيث تتراوح مدة العقد ما بين 60-90 سنة، وتغطي مساحات شاسعة قد تصل إلى أن تشمل البلد بكامله. وتحصل الدولة على مكافأة وضريبة وحصة بسيطة جداً في المخزون. بالإضافة إلى عدم خضوع العمليات النفطية التي تقوم بها الشركة النفطية المستثمرة (المقاول) لرقابة وإشراف السلطات في الدولة المضيفة.
تختلف عقود الامتياز من عقد إلى آخر، غير أن السمات الرئيسية يمكن إيجازها بالآتي:
– يمتلك المقاول ما يتم اكتشافه من احتياطيات نفطية.
– يدفع المقاول للدولة ضريبة ، قد تكون هذه الضريبة ثابتة أو متغيرة بحسب معدل الإنتاج، أو زيادة الأسعار أو نسبة إنتاج الزيت إلى الغاز أو غير ذلك.
– يخضع المقاول لضرائب الدخل و/أو ضرائب إنتاج و/أو ضرائب مبيعات.
– طول مدة الإمتياز.
تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من العقود قد تطور لمواكبة التغيرات السياسية والاقتصادية التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية. حيث ساد شعور لدى الدول المضيفة بأن هذه العقود مجحفة بحق الدول والشعوب صاحبة الثروات النفطية. فتم تأميم الحقول النفطية التي كان يتم تشغيلها من قبل شركات نفط عالمية وفقاً لعقود الإمتياز التقليدية، حيث سيطرت بعض الدول على حقولها النفطية بالقوة ، بينما سيطرت بعض الدول على الحقول النفطية في أراضيها عن طريق الإستحواذ المتدرج بشراء أسهم الشركات النفطية العالمية المستثمرة، بينما آلت بعض المناطق المستثمرة وفق هذه العقود إلى الدول المضيفة بعد إنتهاء مددها. كما بدأت أشكال أخرى للعقود النفطية في الظهور ( سيتم تناولها في الفقرات القادمة ).
وقد أخذت عقود الإمتيازات التقليدية في التطور لمواجهة مطالب الحكومات والشعوب في الدول المضيفة في أن تكون تلك العقود أكثر عدالة وإنصاف. بعد ما شهدته هذه العقود من تطور في بنودها أصبح يطلق عليها عقود الإمتياز الحديثة (Modern Concessions).
ويمكن القول أن العديد من البنود التي ميزت عقود الامتياز التقليدية قد اختفت. حيث تم تغيير بعض البنود لصالح الدول المضيفة.
ويمكن تلخيص أهم أوجه الإختلاف بين عقود الامتياز التقليدية وعقود الامتياز الحديثة بالآتي:
- منطقة الإمتياز: في ظل عقود الإمتياز التقليدية يمنح المقاول الحق في الاستشكاف والتطوير والإنتاج للنفط و/أو الغاز على مساحات واسعة جداً قد تصل إلى مساحة البلد بكامله.. بينما في عقود الامتياز الحديثة فإن المساحة محل التعاقد تكون محدودة ومحددة بشكل دقيق.
- مدة العقد : تتميز عقود الامتياز التقليدية بطول مدتها والتي قد تصل إلى 90 سنة. بينما تغطي عقود الامتياز الحديثة مدد قصيرة تتراوح بين 25-35 سنة.
- إحتكار منطقة الإمتياز: كان السائد في ظل عقود الامتياز التقليدية أن يحصل المقاول على حق حصري في الإستكشاف في منطقة واسعة أو البلد بكامله ويبقى مسيطر على المنطقة بكاملها مما فيها تلك المساحة التي لم يتم استكشاف احتياطيات فيها.. وعلى عكس ذلك فإن عقود الامتياز الحديثة تنظم إجراءات التخلي عن ذلك الجزء من المنطقة الذي لا يتم استكشاف أي احتياطيات فيها، ويسلم للدولة والذي بدورها يحق لها الترويج ومنح الحق في الاستثمار في تلك المناطق المتنازل عنها لمستثمر أخر.
- الضريبة: وفقاً لعقود الامتياز التقليدية تحصل الدولة على مبلغ ثابت كضريبة عن كل طن نفط/غاز أو برميل منتج. بينما تتغير تلك الضريبة وفقاً لحجم الإنتاج في ظل عقود الامتياز التقليدية، حث تزداد الضريبة المدفوعة من المقاول للدولة بزيادة الإنتاج وتقل بانخفاض الإنتاج.
- الالتزامات : على عكس عقود الامتياز التقليدية فإن عقود الامتياز الحديثة تشترط على المقاول التخلي عن جزء من منطقة الاستكشاف، وكذا تحدد الحد الأدنى للالتزامات التي يجب الوفاء بها من قبل المقاول، مثل: انفاق مبلغ معين في مرحلة الإستكشاف، القيام بمسوحات معينة ، حفر عدد من الآبار. بالإضافة إلى وجوب موافقة الدولة على خطة التطوير في حال استكشاف كميات تجارية من النفط.
- في ظل عقود الامتياز الحديثة تخضع العمليات النفطية التي تقوم بها الشركة النفطية المستثمرة (المقاول) لرقابة وإشراف السلطات في الدولة المضيفة.
3- عقود المشاركة في الإنتاج Production Sharing Agreements
أول ما أستخدم مفهوم “إقتسام/المشاركة في الإنتاج” كان في مجال الزراعة ، بحيث يسمح مالك الأرض للمستأجر باستخدام أرضه في مقابل حصة محددة من المحصول (الإنتاج) يحصل عليها المؤاجر (مالك الأرض). وقد ساد مصطلح المشاركة في الإنتاج ف الصناعة النفطية العالمية في النصف الثاني من القرن العشرين. ويقوم هذا المفهوم على أساس أن ملكية الثروات تعود لمالك الأرض (الحكومة/أو اشخاص) بينما المقاول يحصل على جزء من الإنتاج كتعويض له على جهوده وتمويله للعمليات الإستكشاف والتطوير والإنتاج. وأول ما ظهر هذا النوع من العقود في اندونيسيا ، حيث ابرم أول عقد مشاركة في الإنتاج بين الشركة الوطنية الأندونيسية وشركة نفط أجنبية في عام 1966م. أخذت بعدها مختلف الدول في استنساخ التجربة الأندونيسية مع تعديلات في بعض بنود العقد. وبحلول منتصف السبعينات من القرن العشرين أصبح نظام المشاركة في الإنتاج الأندونيسي هو الإطار القانوني الرائد والسائد للشراكة بين الشركات النفطية الأجنبية والبلدان النامي. وبهذا عرفت اندونسيا بـ “أم عقود المشاركة في الإنتاج” “PSA`s Mother”. ويمثل هذا النوع من العقود الصيغة الأكثر تفضيلاً للدول المضيفة كونها أكثر عدالة ومناسبة لاستغلال ثرواتها النفطية. وتعد عقود المشاركة في الإنتاج الأكثر إنتشاراً هذه الأيام.
تختلف بنود وفقرات عقود المشاركة في الإنتاج من دولة لدولة واحياناً من عقد لأخر في نطاق الدولة. إلا أن السمات المشتركة لهذه العقود يمكن تلخيصها في الآتي:
– بخلاف عقود الإستئجار والإمتياز، فإن ملكية الإحتياطيات الموجودة تحت سطح الأرض للدولة.
– يحصل المقاول على حق استكشاف وتطوير وانتاج الاحتياطيات النفطية ويحصل على حصة من الإنتاج(وليس حصة من الربح).
– يحدد عقد المشاركة في الإنتاج مدة سريان العقد. والتي تنقسم إلى مرحلتين : مرحلة الإستكشاف والتي تترواح مدتها ما بين 2-12 سنة ، ومرحلة الإستغلال والتي تترواح مدتها ما بين 25-35سنة.
– يتحمل المقاول مخاطر الإستكشاف منفرداً، حيث يتحمل تكاليف الإستكشاف وتقديم التقنيات اللازمة للعمليات النفطية المختلفة مقابل حصوله على نسبة من الإنتاج (تصل غالباً إلى 40% ) مقابل استرداد تكاليف الاستكشاف والتطوير والإنتاج، هذه التكاليف تسمى نفط الكلفة (Cost Oil).
– للدولة أو من يمثلها (وزارة النفط ، أو الشركة الوطنية أو أي جهة مخولة من قبل الدولة) الحق في الرقابة والإشراف على العمليات النفطية ، بينما يتحمل المقاول مسؤولية القيام بالأنشطة والعمليات النفطية وفقاً لبنود اتفاقية المشاركة في الإنتاج.
– ينص العقد على حد أدنى للالتزامات التي على المقاول الوفاء بها على شكل مبالغ يجب انفاقها على انشطة الاستكشاف وكذلك على شكل أنشطة يتم تأديتها كإجراء مسوحات على مساحات معينة وحفر عدد من الآبار الاستكشافية.
– يخضع المقاول غالباً لضريبة الدخل ، وفي بعض العقود يتم تضمين بند يقضي بقيام الجهة الممثلة للدولة بدفع ضريبة الدخل المفروضة على المقاول وفقاً لقانون الضرائب للدولة نيابة عن المقاول. في مقابل ذلك يتم رفع حصة الدولة في نفط الأرباح (المشاركة) وخفض حصة الشركة.
– يدفع المقاول للدولة ضريبة عينية او نقدية تصل أحياناً إلى 15% من إجمالي الإنتاج.
– يدفع المقاول للدولة علاوات أو منح يتم تحديدها في العقد وهذه المنح غير قابلة للإسترداد. ومن هذه المنح:
- منحة توقيع يدفعها المقاول للدولة في تاريخ توقع العقد .
- منحة إنتاج يدفعها المقاول للدولة عند بدء الإنتاج وكذلك عندما يصل الإنتاج اليومي إلى مستويات معينة.
- منح أخرى، مثل : منحة تدريب لغرض تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية العاملة في الجهات الحكومية المخولة بالإشراف والرقابة على الأنشطة النفطية في البلاد. منحة التطوير الإجتماعي لغرض تطوير المناطق المحيطة بالعمليات النفطية عن طريق اقامة مشاريع البنى التحتية المختلفة.
– تنص عقود المشاركة في الإنتاج على أن ملكية الأصول والمواد التي تقتنيها الشركة لغرض استخدامها في عمليات التطوير والإنتاج تؤول للدولة المضيفة. غير أنه يوجد تبيان في التوقيت. فيرى البعض أن تلك الأصول والمواد تؤول ملكيتها للدولة بمجرد استيرادها ، بينما يرى البعض أن ملكية الأصول تؤول للدولة عند تركيبها ، ويرى آخرون أن ملكيتها تؤول للدولة عند استرداد كاملة تكلفتها. والممارسة الأكثر شيوعاً هي أن ملكية الأصول والمواد تنتقل من المقاول إلى الدولة بمجرد استرداد تكلفتها بالكامل ، أو بمجرد انتهاء الاتفاقية سواء أكانت التكلفة قد استردت أم لم تسترد أي التأريخين أسبق.
– تتضمن عقود المشاركة في الإنتاج على بنود تنظم الإجراءات المحاسبية التي تحدد التكاليف القابلة للإستراد. إذ أن ليس كل ما تم انفاقه من قبل المقاول خلال فترة معينة قابل للاسترداد (Recoverable Cost)
– تتضمن عقود المشاركة في الإنتاج على بنود تحدد آلية استرداد التكاليف ونفط الكلفة . ووفقاً لهذه الآلية فإن العقود تميز بين ثلاثة أنواع من النفقات هي : نفقات الاستكشاف ، نفقات التطوير ، ونفقات الإنتاج.
وتختلف نسب أو مدد استرداد تلك النفقات وفقاً لنوعها (استكشافية ، تطويرية ، أو إنتاجية). حيث يتم استرداد نفقات الإستكشاف بنسبة معينة (20% ) مثلاً سنوياً . في حين يتم استرداد نفقات التطوير بنسبة معينة (10%) مثلاً سنوياًَ. أما نفقات الإنتاج (التشغيل) فيتم استردادها بنسبة 100% في السنة التي أنفقت فيها.
يتم استرداد هذه النفقات(Cost Recovery) باستقطاع جزء من الإنتاج يسمى نفقط الكلفة (Cost Oil)، وغالباً ما تحدد العقود نسبة معينة لنفط الكلفة لا تم تجاوزها (40%) مثلاً ، من الإنتاج الكلي، وإذا زادت النفقات القابلة للإسترداد في سنة ما عن ما يعادل هذه النسبة من نفط الكلفة فإنها ترحل إلى السنة التالية.
– تتضمن عقود المشاركة في الإنتاج على آلية لاقتسام الإنتاج وفقاً لنسب معينة لكل من الدولة والشركة. تحدد هذه النسب وفقاً لنوع الإنتاج ( نفط أو غاز )، ومكان الإنتاج (يابسة أو مياه) ، مستويات الإنتاج .
– الإعفاء من الرسوم الجمركية: عادة ما تتضمن عقود المشاركة في الإنتاج الإعفاء من الرسوم الجمركية عن استيراد الأصول والمواد اللازمة للعمليات النفطية.
– الضرائب : تقضي عقود المشاركة في الإنتاج بأن يخضع دخل المقاول لضريبة الدخل وفقاً لقوانين الدولة المضيفة ، غير أن الدولة المضيفة ممثلة بوزارة النفط أو الشركة الوطنية تقوم بدفع الضرائب نيابة عن المقاول.
– الأعباء الإدارية: حيث تحدد عقود المشاركة في الإنتاج معدلات احتساب الأعباء الإدارية (Overhead)، وهي تلك التكاليف غير المباشرة ، الإضافية، التي دفعها المقاول ، وتحتسب على شرائح، كنسبة من التكاليف المباشرة.
– عادة ما يتضمن العقد كيفية ومكان حل الخلافات بين الدولة والمقاول المتعلقة بالاتفاقية أو بتأويلها أو تطبيقها وتنفيذها. وغالباً ما ينص العقد على اللجوء لتحيكم طرف ثالث – لا ينتمي لبلد أي من الطرفين- لحل الخلافات التي قد تطرأ بين الطرفين.
والشكل الآتي يوضح كيفية تقاقسم الإنتاج بين الطرفين.
وفيما يلي مثال توضيحي لآلية اقتسام الإنتاج بين طرفي العقد ( الدولة والمقاول)، وفقاً لعقود اقتسام الإنتاج.
وذلك على إفتراض الآتي :
- نسبة الضريبة التي تحصل عليها الدولة = 3%
- الحد الأعلى لنفط الكلفة = 30%
- يتم اقتسام نفط المشاركة بنسبة 60% و 40% للدولة والمقاول على التوالي.
- يخضع المقاول لضريبة الدخل (35%)
- حجم الإنتاج برميل واحد
- سعر البرميل 100 دولار أمريكي
أقرأ أيضاً أنواع أسعار النفط
وفقاً للمعطيات أعلاه يتم توزيع الإنتاج كما يلي :
عقود الخدمات Services Agreements
كان أول ظهور لهذا النوع من العقود في الأرجنتين عام 1958، تلاه عقد خدمات محدودة أبرمته الحكومة الفنزويلية مع شركة موبايل في عام 1962م ، ثم عقد الخدمات المبرم بين الشركة الفرنسية (ERAP) وشركة النفط الوطنية الإيرانية (NIOC) في عام 1966م ، وخلال سبعينيات القرن العشرين أخذ هذه النوع من العقود في الإنتشار وخاصة في أمريكا اللاتينية.
وتنقسم عقود الخدمات وفقاً لتحمل المخاطر من عدمه إلى نوعين:
أ) عقود خدمات خالية من المخاطر (Pure Service Contract)
في بعض الحالات تكون الدولة لديها رؤوس أموال كافية لتموين الأنشطة الاستثمارية لاستخراج وصناعة النفط، ولكن ينقصها الخبرة أو التكنولوجيا المطلوبة لذلك. وفي هذه الحالة تقوم الدولة بإبرام عقود خدمات مع شركات نفطية لديها الخبرات والتكنولوجيا اللازمة، حيث تتحمل مخاطر الدولة الاستكشاف والتطوير لحقولها النفطية، ويقتصر دور الشركات النفطية على تنفيذ أعمال معينة مقابل أتعاب معينة في منطقة محددة.
وتنتشر هذه العقود في دول الشرق الأوسط والتي تتمتع بقدرات تمويلية عالية لكنها تفتقر للخبرات والتكنولوجيا المطلوبة للصناعة النفطية.
ب) عقود خدمات متضمن المخاطر (Risk Service Contract)
حيث يتحمل المقاول كافة التكاليف والمخاطر المصاحبة لأعمال الاستكشاف والتطوير، وفي حالة وجود نفط فإنه يسمح للمقاول باسترداد التكاليف ، بالإضافة إلى منحه نسبة من كمية الإنتاج أو نسبة من الإيرادات كأتعاب مقابل ما يقدمه من خدمات.
وأهم ما يميز هذا النوع من العقود:
– تعمل الشركة النفطية مع الدولة كمقاول لتنفيذ خدمات معينة مقابل أجر معين يتم الاتفاق عليه في العقد.
– الإحتياطي المستكشف وكذا الإنتاج بالكامل ملك للدولة .
– مدة العقد محدودة، وتنقسم إلى فترتين : فترة الاستكشاف ، وفترة للاستغلال.
– تنص بعض العقود على علاوة توقيع وعلاوة إنتاج يدفعها المقاول للدولة.
– يتم تعويض المقاول مقابل ما تحمله من تكاليف رأسمالية وتكاليف تشغيل بالإضافة إلى أتعاب مقابل الخدمات المقدمة
2- عقود الشركات المشتركة Joint Ventures (JV) :
وفقاً لهذا النوع من العقود تتشارك الدولة والشركة النفطية في استغلال وإنتاج النفط من منطقة معينة. بحيث تتحمل الشركة النفطية مخاطر وتكاليف استكشاف والتطوير النفط في المنطقة المغطاة بالعقد، فإذا تم استكشاف النفط بكميات تجارية وتم استكمال تنمية وتطوير حقل/حقول النفط تتحمل الدولة حصتها من التكاليف. وفي بعض الحالات تتحمل الدولة والشركة النفطية مخاطر وتكاليف مراحل الاستكشاف والتطوير.
ظهر هذا النوع من العقود في إيران في العام 1957، ومن ثم تم تطبيقه في بعض الدول كـ مصر، وليبيا والكويت، ثم انتشر في كثير من الدولة. وتصنف عقود الشركات المشتركة وفقاً لبنودها إما تحت الأنظمة التعاقدية أو تحت أنظمة الامتياز.
ومن أهم سمات هذا النوع من العقود:
– محدودية مساحة ومدة العقد مقارنة بعقود الإمتيازات التقليدية.
– تدفع الشركة للدولة إيجارات تنقيب وإنتاج وضرائب ، وكذلك علاوة(منح) توقيع تدفع عند التوقيع على الاتفاقية ، وعلاوة إنتاج تدفع عند بدء الإنتاج التجاري وعند وصول الإنتاج إلى مستوى معين. وبعض الاتفاقيات لم تشتمل على الإيجارات أو العلاوات .
– تتحمل الشركة النفطية مخاطر وتكاليف الاستكشاف والتطوير منفردة،وتسترد الشركة التكاليف التي تحملتها في حالة استكشاف النفط بكميات تجارية ويتحملها طرفي العقد (الدولة والشركة) كلا حسب حصته.
– يتم اقتسام الإنتاج بين طرفي العقد بحسب نسبة الحصص،وكان سائداً أن تكون الحصص بنسبة 50/50 لكل من الدولة والشركة، ومؤخراً غالباً ما تحدد حصة الدولة بـ 51% أو أكثر.
3- عقود شراء المباع (Buyback)
تقوم الشركات المستثمرة وفقاً لهذه العقود بتمويل الاستثمار، ثم تقوم بعد ذلك باسترجاع رؤوس أموالها المستثمرة مع هامش ربح بسيط بعدها تؤول منطقة الاستثمار للدولة وتصبح ملك خالصاً للدولة. وينتشر هذا النوع من العقود في إيران.
4- أنواع أخرى للعقود
بالإضافة إلى ما سبق ذكره من أنوع العقود في صناعة استكشاف وإنتاج النفط ، فإن هناك بعض الأنواع الأخرى مثل عقود المساعدة الفنية (Technical Assistance Contracts) وتطبق هذه العقود لأغراض تحسين وتعزيز استخراج النفط أو إعادة تأهيل حقول/آبار النفط . حيث ينحصر دول المقاول على تقديم المساعدة والخدمات الفنية لمالك الحقول النفطية مقابل أجر يتقاضاه المقاول يتم الاتفاق على طبيعته وحجمه.
وتختلف الدول المضيفة في اختيار وتفضيل أي نوع من هذه العقود يناسبها بناءً على عوامل عديدة. ولا يوجد نوع واحد من هذه العقود يناسب كل الدول وكل الحالات. فمن وجهة نظر الدول المالكة للأرض فإن لكل نوع من العقود المختلفة التي تم التطرق لها أعلاه مزاياه وعيوبه. لذا بدأت بعض الدول في مزج شروط وبنود مختلفة من مختلف نماذج العقود النفطية المشار إليها أعلاه وذلك في محاولة للجمع بين مزايا مختلف العقود. وتوصف هذه العقود بالعقود الهجينة (Hybrid Contracts) أو العقد المجمع (compound contract). وظهر هذا النوع من العقود في الصين في عام 1982م. وتطبق هذه العقود في نطاق محدود في بعض الدول مثل ، الصين ، الهند، جامايكا ، ليبيريا وتنزانيا.
تجدر الإشارة إلى أن تقييم العقود سواءاً من وجهة نظر الدولة المضيفة أو الشركة المستثمرة يقوم على عدة عناصر، أهمها المخاطرة، العائد، الحقوق و الالتزامات. كما أنه في ظل كل نوع من هذه العقود تختلف الشروط التعاقدية من دولة لأخرى بل وفي نطاق الدولة من عقد إلى آخر، وذلك لعدة عوامل. فتختلف الشروط التعاقدية من دولة لأخرى وفقاً لاختلاف واعدية وجود النفط، والاستقرار السياسي والأمني في كل دولة، خبرة الدولة في مجال النفط، كما تتأثر ايضاً بالمنظومة القانونية لكل دولة. وفي نطاق الدولة الواحدة قد تختلف الشروط التعاقدية من عقد لآخر وفقاً لموقع منطقة الامتياز محل العقد (في المياه أو اليابسة، منطقة نائية أو قريبة)، واعدية المنطقة، بالإضافة لاعتبارات متعلقة بالطرف الأخر (الشركة المستثمرة).
بشكل عام، وفقاً لظروف دولة ما يمكن تفضيل نوع معين من العقود ، بناءاً على السمات المميزة لذلك النوع من العقود، لكن تظل الشروط التفصيلية للعقد هي الفيصل في تقييم ذلك العقد. ورغم أن بعض الدول قد أصدرت قوانين خاصة بالنفط أو أقرت شروط مرجعية لاتفاقياتها النفطية، تعتبر بمثابة المرشد والدليل للفريق المفاوض اثناء التفاوض مع الشركات النفطية على بنود وفقرات الاتفاقيات، إلا أنه يظل لكل اتفاقية ما يميزها عن الإتفاقيات الأخرى.