ملاحظة مهمة: هذا المقال حصري لموقع AONG ، لا يمكن نقله وإعادة نشره في موقع آخر إلا بذكر رابط المقال.
الحفر البحري Offshore Drilling
تشتمل أعمال الحفر في البحر اليوم على سلسلة تقنيات حديثة تشبه في كثير منها التقنيات البرية المستعملة في التنقيب والحفر والإنتاج والنقل، إلا أن لاستخراج النفط من البحر خصائصه التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالبحر نفسه، وهذا ما يدعو إلى تطبيق تقنيات إضافية كالرصد الجوي والهندسة البحرية والمسح البحري وتقنيات الاستقبال والربط والرسو والتعويم الطفو) والثبات والتوازن الاستقرار والاستواء) وغيرها. ومع أن عمليات الحفر واستثمار النفط والغاز مرحلتان مهمتان وأساسيتان فإن استخراج النفط من البحر يتطلب عمليات إضافية كالتنقيب، أي البحث عن الأماكن التي يحتمل وجود النفط في تكويناتها الصخرية تحت قعر البحر، ونقل النفط والغاز المستخرجين من أماكن إنتاجهما إلى المصافي والمعامل ومستودعات التخزين الموجودة غالبة على البر.
تصنف آبار النفط والغاز في نوعين أساسيين هما الآبار الاستكشافية exploration wells والآبار المنتجة producing wells فالبئر الاستكشافية تحفر للتحقق من وجود النفط أو الغاز في الصخور الخازنة والتأكد من جدواه الاقتصادية، وهذا ما يدعو إلى تسميتها أحيانا البئر الجزافية wildcat أي التي تحفر جزافا، أما الآبار الاستثمارية أو المنتجة فهي التي تحفر بعد أن تؤكد البئر الاستكشافية وجود النفط في المنطقة. وقد يحفر منها عدة آبار في الموقع نفسه لزيادة فاعلية الإنتاج.
كان المنقبون عن النفط في أيام نشوء هذه الصناعة، يفتشون عن الينابيع الطبيعية ويحفرون آبارهم حولها. وقد علمتهم الممارسة والخبرة تبين مؤشرات محددة تدل على وجود النفط في مكامنه تحت الأرض، ويظن الكثيرون خطأ أن النفط موجود في بحيرات أو أنهار تحت الأرض، والحقيقة أن النفط والغاز كليهما موجودان في ثقوب دقيقة تدعى المسام pores في بعض الصخور التي قد تبدو صماء، وقد يتصل بعض هذه المسام فيما بينها فيصبح الصخر نفوذا permeable يسمح للنفط بالحركة ويمكن استخراجه منه إذا وجد بكميات كافية في مساحة مقبولة من الصخر تغطي نفقات الحفر والاستكشاف والاستخراج . ولاسيما في البحر .
يوجد النفط والغاز غالبا في صخور رسوبية نفوذة تكونت من مواد سابقة لها، ويعد الصخر الرملي والصخر الكلسي أكثر هذه الصخور ، كما أن للطين الصفحي، وهو من الصخور الرسوبية الكتيمة، وللصخور الكتيمة الأخرى أهميتها لأنها تمنع نفوذ السوائل الهيدروكربونية المحصورة في الصخور حولها، فتؤلف ما يعرف بالمصائد traps.
طرائق التنقيب عن الهيدروكربونات في البحار
Offshore Hydrocarbon Exploration:
لا بد للمنقبين من اعتماد الطرائق العلمية غير المباشرة للكشف عن مكامن النفط ولاسيما في المراحل الأولى من البحث وتعتمد هذه الطرائق أساسا على خصائص معينة، فلكل نوع من الصخر خاصة مغنطيسية وكثافة تميزانه من غيره، وإذا ما استخدمت أدوات وأجهزة حساسة تمكن الباحث من قياس الفروق بين الصخور تحت الأرض، فإنه يستطيع تحديد التكوينات الصخرية التي قد تحتوي على الهيدروكربونات. وكلمة «قد» هنا لازمة لأنه ليس من ضمانة الوجود الهيدروكربونات في التكوينات الصخرية المعنية ولو توافرت كل الشروط الأخرى.
والطريقة الوحيدة الممكنة للتحقق من وجود النفط هي حفر بئر في تلك التكوينات. ولكن المشكلة الرئيسة هنا هي اختيار البقعة التي يجب أن يتم الحفر فيها، فالمساحات التي يغطيها البحر شاسعة وعلى الباحث عن النفط أن يقصر همه في بقعة ضيقة، وهذا ما يضطره أحيانا إلى القيام بأربع عمليات أساسية: المسح المغنطيسي والمسح الثقلي والمسح سيزمي ثم حفر بئر استكشافية إذا كانت معطيات المسح إيجابية واعدة، وتتم هذه الخطوات بالتتابع عادة عندما يكون التنقيب عن النفط على سطح اليابسة، أما في البحر فتنفذ معظم الأعمال الاستكشافية من على ظهر مركب مجهز بمعدات متنوعة وتوفر له إمكانية تنفيذ المسح بأنواعه في آن واحد.
إقرأ أيضاً تحسين إنتاجية الآبار النفطية EOR باستخدام الطرق البكتيرية
طريقة المسح المغناطيسي :
يستخدم في المسح المغنطيسي جهاز خاص يدعى «مقیاس المغناطيسية» magnetometer تقطره السفينة أو يركب على جناح طائرة استكشاف مهيأة لهذا الغرض فيقيس الجهاز مغناطيسية الصخور تحت القشرة الأرضية ويسجل نتائجها، فإذا كانت الصخور متجانسة دلت مؤشرات الجهاز على وحدة الحقل المغناطيسي، أما إذا أشار الجهاز إلى وجود شذوذ (تباين في الحقل فسوف يستدل على وجود صخور تحوي فلزات ذات خصائص مغناطيسية وهي إحدى علامات احتمال وجود النفط.
فالصخر القاعدي، وهو صخر ناري، يقع في كثير من الحالات تحت طبقات رسوبية، وهو نادرا ما يحوي على مركبات النفط إلا أنه يبقيها فوقه في بعض الحالات، أو أنه يتخلل الصخر الرسوبي في اندفاعاته فيحدث فيه طيات (تحديات) قد تكون مصائد للنفط أو الغاز، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن المسح المغناطيسي غير مضمون النتائج ولاسيما في حال وجود القباب الملحية. ولكنه أثبت فاعليته في المناطق التي يتخللها صخر الغرانيت والصخور النارية المماثلة. وقد تقتصر فائدته على اختصار مساحات الاستكشاف وحصرها في مناطق محددة.
طريقة المسح الثقلي :
أما المسح الثقلي ويطلق عليه كذلك قياس حقل الجاذبية فيعتمد على جهاز شدید الحساسية يدعى مقياس الجاذبية gravitometer أو مقياس الثقالة، يثبت في مركب في وضع مستقر تماما، لأن قوة الموج قد تتسبب في خطأ الجهاز. وعندما يتحرك المركب فوق الماء يحدد المقياس وزن ثقل موجود في داخله، فإذا مر المركب والمقياس فوق صخور كثيفة يزداد وزن الثقل وبالعكس، لأن كثافة الصخور تحت القشرة الأرضية تغير من قوة الجانبية التي تؤثر في وزن الثقل داخل المقياس، وعلى هذا النحو يمكن لمجموعة التنقيب عن النفط أن تكون فكرة عن كثافة الصخر تحت القعر وأن تتوقع وجود مصائد هناك وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن إجراء المسح الثقلي إضافة إلى المسح المغنطيسي أو من دونه.
المسح السيزمي:
وهو الأكثر شيوعا واستخداما في التنقيب عن النفط في البر والبحر. وهو يتمم عمليتي المسح السابقتين لأنه يمكن من الحصول على تفصيلات كثيرة عن التكوينات الصخرية تحت القعر، ويعد آخر خطوة استكشافية يقوم بها المنقبون قبل الحفر التجريبي.
يعتمد المسح السيزمي مبدأ انعكاس الموجات الصوتية عن طبقات الصخر السطحية أو تكسرها أو انحنائها، ولما كانت الصخور تحت القشرة الأرضية على طبقات الواحدة فوق الأخرى فإن إصدار صوت عال منخفض التواتر في داخل الماء من مولد صوت يتسبب في حدوث موجات صوتية تنتشر آلاف الأمتار إلى الأسفل داخل الطبقات الصخرية، وتعكس كل طبقة منها قسما من هذه الموجات فيلتقطها كاشف حساس على متن المركب، وتصل الموجات المنعكسة عن الطبقات الضحلة إلى الكاشف قبل غيرها المنعكسة عن الطبقات العميقة حسب الشكل التالي وبقياس زمن انعكاس كل منها يحصل المنقبون على صورة ما هو موجود تحت قعر البحر، ويمكنهم رسم مقطع جانبي الطبقات الصخر، استنادا إلى المعطيات التي يقدمها الكاشف يسمى «مقطعا زلزالية» seismic section أو مقطعة تسجيلية record section الشكل يبين ذلك ومن دراسة هذا المقطع يستطيع الخبراء في التنقيب تخمين البنية الجيولوجية للمنطقة وتخمين احتمال وجود النفط فيها.
إقرأ أيضاً دراسة العوامل المؤثرة بالخصائص الخزنية للصخور المكمنية
يقطر المركب البحري خلفه مولد صوت Sound generator تحت مائي على مسافة محددة، كما يقطر مركب طوله نحو 3 كم (يدعی جدولا انسيابية streamer) تربط به كواشف اللصوت تدعى (هیدروفونات) على أبعاد متساوية وله قوة طفو سالبة، وتعلق به أثقال تبقيه غائصة تحت الماء على عمق كاف يجنبه تأثيرات الأمواج السطحية وتأثير الضغط الهيدروستاتيكي
ومولد الصوت المذكور هو مدفع يطلق هواء مضغوطة على دفعات متتالية تحدث فرقعة عالية لا تلحق ضررا بالأحياء البحرية ، على نقيض المتفجرات التي كانت تستعمل في السابق فتندفع الموجات الصوتية الصادرة عن المدفع نحو قعر البحر وتتوغل في التكوينات الصخرية تحته، ثم تنعكس عنها لتلتقطها الجيوفونات في الماء، ويختار موقع المدفع لكي لا يكون قريبة من سطح الماء فتضيع طاقته ولا عميقا فيحدث فقاعة هوائية تنتج عند صعودها إلى السطح وتفريغها قطارة (سلسلة من الموجات يؤثر في عمل الكواشف.
تحول الهيدروفونات تحت الماء طاقة الصوت إلى نبضات كهربائية ينقلها الكبل إلى أجهزة التسجيل سيزمي المثبتة على متن المركب، وهي أجهزة رقمية يمكنها تسجيل نحو ( 120 ) قناة أو أكثر ولها مضخمات ومرشحات ومازج يمسح الشارات الملتقطة بفاصل زمني منتظم ( 4 . 1 ميلي ثانية) ويسجلها رقمية على شريط ممغنط، وترسل الأشرطة إلى المختبر حيث تعالج معطياتها وتفسر بالاستعانة بالحاسوب ويرسم بالاستناد إليها مقطع زلزالي يستطيع الخبراء قراءته وتحديد مكان الحفر الاستكشافي إن دل المقطع على احتمال وجود مصائد النفط.
المراجع :
♦ Offshore drilling – Heriot watt university
♦ Offshore drilling – technology – Shell
♦ الحفر البحري و الموجه – د إبراهيم ، نضال – د.عازار ،هيسم – منشورات جامعة البعث
♦ الحفر في البحار – د . بارودي ، عدنان – منشورات الجامعة السورية الخاصة .