ما هو الغاز الطبيعي؟
أن الغاز الطبيعي هو مزيج معقد من الهيدروكاربونات مع كمية قليلة من المركبات غير العضوية يكون مصاحباً للنفط الخام وحراً في بعض الأحيان ، ويتكون الغاز الطبيعي أساسا من غاز الميثان (90% على الأقل من ناحية نموذجية) ولكنه أيضا قد يحتوي على غازات الأيثين والبروبين وغازات ثاني أكسيد الكربون الأثل. وقد توجد أيضا كميات صغيرة من النيتروجين والأوكسجين وثاني أكسيد الكربون ومركبات الكبريت في خطوط أنابيب الغاز الطبيعي .
ونلاحظ في الجدول التالي مكونات الغاز الطبيعي والتي تشير الى أن الميثان هو المكون الرئيسي لهذا المزيج الغازي.
أن المركبات غير العضوية مثل النتروجين ، ثاني أوكسيد الكاربون غير مرغوبة ، لأنها تسبب التآكل ومشاكل أخرى في أنتاج ومعالجة الغاز. وتتراوح القيمة الحرارية للغاز من 700 BTU/scf الى 1600 BTU/scf أعتماداً على كمية المركبات غير العضوية فيه.
وتقسم الآبار المنتجة عادة ً الى : آبار غازية ، آبار مكثفات Condensate wells ، وآبار نفطية. أن الآبار الغازية تكون فيها نسبة GOR أكبر من 100,000 scf/stb أما آبار المكثفات فيكون فيها GOR أقل من 100,000 scf/stb وأكثر من 5,000 scf/stb ، أما الآبار التي يكون فيها GOR أقل من 5,000 scf/stb فتعتبر آبار نفطية.
وبما أن الغاز الطبيعي هو عبارة عن نفط في حالة غازية ، فأنه غالباً ما يكون مصاحباً للنفط ، ويمكن تقسيمه الى 3 أنواع:
الغاز المصاحب Associated Gas : وهو الغاز المُذاب في النفط تحت الظروف المكمنية.
2. الغاز الحر (الغاز غير المصاحب) “Free Gas “non-Asociated gas : وهو الغاز الحر الموجود في المكمن مع أقل ما يمكن من النفط.
3. المُكثفات Condensate : وهو الغاز الحاوي على كمية كبيرة من الهيدروكاربونات السائلة في الضغط والحرارة المنخفضين.
تبريد الغاز الطبيعي:
عند تبريد الغاز الطبيعي إلى درجة حرارة 260 درجة فهرنهايت تحت الصفر في ضغط جوي فإنه يتكثف في شكل سائل يسمى الغاز الطبيعي المسال ويعرف اختصار في اللغة الإنجليزية بـ (LNG) . فمقدار واحد من هذا السائل يأخذ 600/1 من حجم الغاز الطبيعي في رأس شعلة الموقد. ويزن الغاز الطبيعي المسال أقل من واحد ونصف من حجم الماء وفي الحقيقة يبلغ 45% تقريبا. ومن خصاص الغاز الطبيعي المسال أنه عديم الرائحة واللون ولا يسبب التآكل وغير سام. وعند تبخيره فإنه يشتعل فقط في درجات تركيز من 5% – 15% عند مزجه بالهواء والغاز الطبيعي المسال أو بخاره لا ينفجران في بيئة مفتوحة.
كيفية تخزين الغاز الطبيعي المسال:
تحتوي صهاريج نقل الغاز الطبيعي المسال على بناء ذو جدارين مع عزل فعّال بصورة كبيرة بين الجدران تمتاز صهاريج الناقلات الضخمة بنسبة باعية منخفضة (نسبة الارتفاع إلى العرض) وتصميم اسطواني مع سقف في شكل قبة. ودرجات الضغط للتخزين في هذه الناقلات منخفضة جدا، أقل من 5 درجات (psig) . يمكن تخزين كميات صغيرة مثل 70.000جالون وأقل في صهاريج أفقية أو رأسية ذات فراغ جوي مضغوط. وقد تكون هذه الصهاريج تحت ضغط في أي مكان أقل من 5 درجات (psig) إلى أكثر من 250 درجة (psig) .
ويجب المحافظة على برودة الغاز الطبيعي المسال (84 درجة فهرنهايت تحت الصفر على الأقل) لكي يبقى سائلا ومستقلا عن الضغط .
كيف تتم المحافظة على برودته؟
إن عملية العزل مهما كانت فعاليتها لا تستطيع بمفردها الحفاظ على درجة برودة الغاز الطبيعي المسال ويحفظ الغاز الطبيعي المسال كـ “مبرد في حالة غليان” وهو سائل بارد للغاية عند نقطة غليانه في الضغط المحفوظ فيه. والغاز الطبيعي المسال المخزن يعد نظيرا للماء المغلي غير أن برودته تزيد بـ 260 درجة مئوية فقط. إن درجة حرارة الماء المغلي التي تعادل 100 درجة مئوية لا تتغير بالرغم من الحرارة المتزايدة بسبب تبريدها بواسطة عملية التبخير (توليد البخار). وبنفس الطريقة سيبقى غاز الطبيعي المسال في درجة حرارة ثابتة تقريبا فيما إذا تم حفظه في ضغط ثابت. وتسمى هذه الظاهرة بـ “التبريد الذاتي” وتظل درجة الحرارة ثابتة ما دام يسمح لبخار الغاز الطبيعي المسال بمغادرة غلاية الشاي (الخزان). وإذا لم يتم سحب البخار فإن ذلك سيؤدي إلى رفع درجة الحرارة داخل الوعاء.
وحتى عند ضغط (100 psig) فإن درجة حرارة الغاز الطبيعي المسال ستكون 129 درجة فهرنهايت تحت الصفر تقريبا.
محتوى الكبريت Sulfur Content:
أن الكلام عن الغاز الحامضي والغاز الحلو يشير عادة الى محتوى الكبريت (غاز H2S) ، حيث أن الغاز الحلو يحتوي على نسبة قليلة جداً من الكبريت (يمكن أهمالها – أقل من 4 ppmv) ، في حين يحتوي الغاز الحامضي على كميات كبيرة وغير مقبولة من الكبريت والتي تُسبب التآكل (مع وجود الماء) .
صناعة الغاز الطبيعي Natural Gas Industry:
لقد كان الغاز الطبيعي في البداية ناتجاً عرضياً في عملية أنتاج النفط ، ومنذ استكشافه للمرة الأولى في فلوريدا في الولايات المتحدة عام 1821 فقد تم أستخدامه كوقود في المناطق المحيطة بالحقول النفطية ، وفي السنين الأولى لأنتاج الغاز الطبيعي فأن الغاز الطبيعي كان يُحرق بكميات كبيرة ، مما أدى الى أنخفاض سعر الغاز الطبيعي ، حيث كان سعر كل 1000 قدم مكعب الى حوالي 1-2 سنت.
وقد بدأ أستهلاك الغاز الطبيعي بالتزايد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في المجالات (التجارية – الصناعية – توليد الطاقة) ، وكان لهذا الأستهلاك المتزايد العديد من الأسباب مثل ولادة أسواق جديدة ، أستبدال الفحم كوقود ، استخدام الغاز الطبيعي في الصناعات البتروكيمياوية وصناعة الأسمدة، بالأضافة الى زيادة الطلب على الوقود قليل الكبريت.
أن تزايد الطلب في أوربا الغربية واليابان والولايات المتحدة أدى الى أستيراد الغاز من الحقول البعيدة. أما اليوم فأن الغاز الطبيعي المُسال يمكن نقله خلال البحار والمحيطات الى أماكن الأستهلاك بواسطة ناقلات ضخمة ، وقد تم أستخدام هذه الطريقة في هنغاريا عام 1934 ومن ثم أستخدم لنقل الغاز بشكل سائل من حقول الغاز في لويزيانا خلال نهر المسيسيبي الى شيكاغو في 1951.
وفي الجزائر تم تصدير الغاز المُسال في عام 1964 الى بريطانيا وفرنسا حيث يقل حجم الغاز الى سُدس حجمه الأصلي بهذه الطريقة ، وعند استلامه في نقطة النهاية يرجع الى حالته الغازية بأمراره في وحدة تحويل الغاز السائل الى غاز لذلك يمكن تجهيزه بعدها الى شبكة توزيع الغاز. كما يمكن خزنه في خزانات أو في محطات الخزن الجوفي Underground Storage ويعتبر الغاز السائل وقوداً غير مُلوّث للطائرات والمركبات.
أحتياطيات الغاز الطبيعي Natural Gas Reserves:
هناك مصطلحان تستخدم غالباً للتعبير عن أحتياطيات الغاز الطبيعي وهي: الأحتياطي المؤكد Proved Reserves و الأحتياطي الكامن Potential Reserves .
الأحتياطي المؤكد Proved Reserves هو تلك الكميات من الغاز التي يُعثر عليها أثناء الحفر ، ويمكن التأكد منها من خلال الخصائص المكمنية مثل بيانات الأنتاج ، علاقات الضغوط وبعض البيانات الأخرى ، لذلك يتم تحديد حجم الغاز بدقة معقولة الى حد ما.
الأحتياطي الكامن Potential Reserves هو تلك الكميات من الغاز الطبيعي التي يُعتقد أنها موجودة في العديد من صخور القشرة الأرضية لكنها لم تُحفر لحد الآن. وهي ستكون الكميات المجهزة مستقبلاً بعد أنتهاء الأحتياطي المؤكد.
وقد تم أتباع العديد من الطرق في تقدير كميات أحتياطي الغاز الطبيعي ، ومنها الأعتماد على معدلات الأنتاج السابقة والآبار الأستكشافية والطرق التجريبية والمعادلات الرياضية ، كما يتم أستخدام طريقة تقدير الغاز المستقبلي من خلال كمية النفط المستكشف ، أو طريقة التقدير الحجمي لأحتياطي الغاز الكامن.
وقد كان هناك دائماً تفاوت في (الأحتياطي المؤكد) و(الأحتياطي الكامن) حتى في حالة الحقول المنتجة في الولايات المتحدة، حيث بالأعتماد على مصادر المعلومات فأن تقديرات الاحتياطي الكامن المتبقي تتراوح بين 650-5000 Tcf ، أما الأحتياطي المؤكد في عام 2000 فقد كانت 1050 Tcf في الولايات المتحدة و 170 Tcf في كندا وبعكس المكامن النفطية التي يوجد 80% منها في دول أوبك ، فأن أغلب مكامن الغاز الطبيعي موجودة في الأتحاد السوفيتي السابق ، الشرق الأوسط ، الشرق الأدنى ، أفريقيا ، أمريكا الشمالية ، أمريكا الوسطى والجنوبية ، وأوربا.
ووفقاً لأحصائية قام بها Energy Information Administration في العام 2006 كانت الأرقام التقديرية للأحتياطي المؤكد للغاز الطبيعي كالآتي:
1. روسيا 1,688 Tcf.
2. أيران 944 Tcf.
3. قطر 910 Tcf.
4. المملكة العربية السعودية 244 Tcf.
5. الأمارات العربية المتحدة 213 Tcf.
6. الولايات المتحدة الأمريكية 193 Tcf
7. نيجيريا 185 Tcf.
8. الجزائر 162 Tcf.
9. فنزويلا 152 Tcf .
10. العراق 112 Tcf.
وتمتلك شركة Gazprom الروسية حوالي ثلث أحتياطيات الغاز الطبيعي وتنتج حوالي 80% من الغاز الطبيعي الروسي ، وتُدير هذه الشركة 43 محطة كبس Compressor Station وحوالي 155 ألف كم من أنابيب الغاز الطبيعي ، وتعتبر روسيا أكبر منتج ومصدر ومُستهلك للغاز الطبيعي ، حيث تُنتج حوالي 21 Tcf سنوياً تستهلك منها 14.5 Tcf وتُصدّر الباقي.
أما قطر فهي دولة رائدة أيضاً في أحتياطيات الغاز الطبيعي ، وتتساوى في ذلك مع أيران تقريباً ، حيث تمتلك حقل الشمال العملاق ، أما أيران فلديها حقل بارس الشرقي الذي يقع على حدود قطر.
مستقبل الغاز الطبيعي:
من الواضح جداً أن القرن التاسع عشر كان قرن الفحم الحجري والذي ساهم بشكل كبير في نشوء الثورة الصناعية في أوربا ، أما القرن العشرون فقد كان قرن النفط الذي كان المصدر الرئيسي للطاقة والذي أدى الى نمو الأقتصاد العالمي ، ومن الملاحظ دائماً أن حاجة الأقتصاد العالمي الى الطاقة في تزايد مستمر ، فقد توقع بعض الخبراء حصول عجز كبير ومستمر في أمدادات الطاقة يبدأ في عام 2010 وحصول أزمة طاقة حقيقية وجدية.
وللخروج من هذه الأزمة ، يجب الأنتقال الى أستخدام الغاز الطبيعي ليس لأهميته الأقتصادية فحسب ، بل لأهميته في الحفاظ على البيئة ، ففي نهاية القرن العشرين أخذ الغاز الطبيعي مكان الفحم كمصدر ثان للطاقة بعد النفط ، ففي عام 2000 كان أستهلاك الطاقة العالمي كالآتي: 39% نفط – 23% غاز طبيعي – 22% فحم حجري ويتوقع أن يكون التحول تدريجياً من النفط الى الغاز الطبيعي بداية القرن الحادي والعشرين. وذلك لن يتحقق بسبب الأعتبارات البيئية فحسب بل بسبب التطورات التكنلوجية.
أن الولايات المتحدة تمتلك أكبر أقتصاد في العالم ولذلك فهي المستهلك رقم 1 للطاقة في العالم ، ويمكن ملاحظة أن سعر الغاز الطبيعي قد زاد في العقود الثلاثة الأخيرة بسبب زيادة الطلب على الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة وتتوقع دراسات الطاقة أن يزيد الطلب السنوي للطاقة بين عامي 2010-2020 بنسبة 30% حيث سيصعد أستهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 60% أي بزيادة حوالي 35 Tcf ، وهذا يعني أن حصة الغاز الطبيعي من الطاقة ستصعد من 23% الى أكثر من 28% ، لذا يصبح من الواضح أن الغاز الطبيعي سيصبح مصدر الوقود الأبرز في الأقتصاد العالمي ، أما ما يسمى بمصادر الطاقة البديلة فسوف يكون لها القليل من التأثير على الغاز الطبيعي.
المصادر:
1. Fundamentals of Natural Gas Processing.
2. Natural Gas Engineering Handbook
3. Natural Gas Production Engineering, Dr. Adel Salem
4. الغاز الطبيعي – تأليف خالد جبر حمد يوسف